الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ }

قوله تعالى: { وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ } " الوزن " مبتدأ، خبره: " يومئذ " ، " الحق ": صفته، على معنى: الوزن يوم يسأل الله الأمم ورسلهم الوزن " الحق " ، أي: العدل.

فصل

ذهب قوم إلى أن نصب الميزان يوم القيامة مجاز عن إرصاد الحساب السوي، والجزاء على حسب الأعمال بالعدل والنصفة، فمَثَّلَ ذلك بنصب الموازين تحقيقاً لمعنى العدل.

والصحيح الذي عليه علماء النقل وأئمة الحديث وأعلام الفقهاء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة فمن بعدهم: أنه ميزان ذو لسان وكفَّتين؛

لما أخبرنا به الشيخان الحافظ عبدالقادر بن عبدالله الرهاوي قراءة عليه وأنا أسمع بحران، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الدُّنبلي بقراءتي عليه بالموصل غير مرة ولا مرتين، قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني بثغر الإسكندرية، حدثنا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي المعدل بالإسكندرية، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن حمصة الحراني بمصر، حدثنا أبو القاسم حمزة بن محمد بن علي الكناني الحافظ إملاءً، أخبرنا عمران بن موسى الطبيب، حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير، حدثني الليث بن سعد، عن عامر بن يحيى المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحبلي قال: سمعت عبدالله بن عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله: " يُصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كُلُّ سِجِلٍّ منها مدًّ البصر، ثم يقول الله تبارك وتعالى له: أتنكر من هذا شيئاً؟ فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: لك عذر أو حسنة؟! فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: بلى! إن لك عندنا حسنات، وإنه لا ظُلم عليك، فتُخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة مع هذه السِّجِلاّت؟ فيقول عز وجل: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كِفَّة، والبطاقة في كِفَّة، فطاشت السِّجِلاَّت وثقلت البطاقة ".

قال حمزة: ولا نعلمه روى هذا الحديث غير الليث بن سعد، وهو من أحسن الحديث، وبالله التوفيق.

قال أبو الحسن الحراني: لما أملى علينا حمزة هذا الحديث صاح غريب من الحلقة صيحة [فاضت] نفسه معها، وأنا فيمن حضر جنازته وصَلَّى عليه، رحمه الله.

وقال ابن عباس: توزن الحسنات والسيئات في ميزان له لسان وكِفَّتان، فأما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة، فيوضع في كفة الميزان، فتثقل حسناته على سيئاته. وأما الكافر فيؤتى بعمله في أقبح صورة، فيوضع في كفة الميزان، فيخف وزنه.

وقال حذيفة: صاحب الميزان يوم القيامة جبريل، فيقول له ربه: زِن بينهم، ورُدّ من بعضهم على بعض، فيرد على المظلوم من الظالم ما وجد له من حسنة، فإن لم تكن له حسنة، أخذ من سيئات المظلوم فرد على سيئات الظالم.

السابقالتالي
2