الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَٰرُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } معناه: عملوا الصالحات بقدر طاقتهم؛ لأن معنى الوسع ما تقدر عليه.

قوله: { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } " أولئك " رفع بالابتداء، و " أصحاب الجنة ": خبره. والجملة خبر " الذين " ، ويرجع على " الذين " اسم الإشارة، أعني: " أولئك ".

قوله تعالى: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } أي: أزلنا الأحقاد التي كانت كامنة في صدورهم. قيل: المراد بذلك أحقاد الجاهلية أذهبها الله بالإسلام.

والأظهر في التفسير: أن المراد بذلك: الإعلام بصفة أهل الجنة. وإليه أشار علي عليه السلام بقوله، فيما أخبرنا به الثقة العدل أبو القاسم عبدالله بن الحسين بن رواحة بالموصل، أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني بثغر الإسكندرية، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين بن المهند بسلماس، أخبرنا جدي القاضي أبو بكر أحمد بن جرير بن خميس السلماسي، أخبرنا أبي -جرير بن أحمد-، حدثنا أبو سعيد عمران بن موسى بن هلال التميمي، حدثنا علي القصر، حدثنا عبدالله بن عمر بن أبان، حدثنا عبثر، عن مفضل بن مهلهل، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي رضي الله عنه: " إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله:وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } [الحجر: 47] ".

وعلى هذا أيضاً أحمل قول علي عليه السلام: " فينا أهل بدر نزلت ".

أخبر الله عنهم بما يؤول أمرهم إليه في الجنة، والصفة التي يكونون عليها، وأخبر عنه بصيغة الماضي لتحقق حصوله.

فإن قيل: على هذا القول جميع أهل الجنة بهذه الصفة، فما وجه اختصاصهم بالذكر؟

قلتُ: لئلا يظنّ ظانّ أو يتوهّم متوهّم أن ما جرى بين هذه السادة الذين هم أفاضل الصحابة من الحروب والتنازع موهن لمراتب فضلهم في الآخرة، وموجب لاستنزالهم عن أعلى منازل الجنة، كما ظن الغواة الغلاة من الرافضة، وإلى ذلك أشار بقوله: " وما يدريك أن الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ".

أنبأنا حنبل بن عبد الله بن الفرج، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبدالله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا روح، عن [سعيد]، عن قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: " يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى بمنزلته في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا "

السابقالتالي
2 3