الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } * { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }

{ قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ } أي قال الله للكفار: " ادخلوا في أمم " في محل الحال، أي: كائنين في جملة أمم أو مع أمم، { قَدْ خَلَتْ } أي: سبقتكم وتقدمتكم في الزمان، { مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } التي اقتدت بها في الضلال. والمعنى: لعنت أختها في الدين لا في النسب، { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً } أصله: " تَدَاركُوا " فأدغمت التاء في الدال، ثم اجتلب لها ألف الوصل توصلاً إلى النطق بالساكن، والمعنى: حتى إذا تلاحقوا واجتمعوا في النار، { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ } آخرهم دخولاً النار وهم الأتباع { لأُولاَهُمْ } الرؤساء القادة الذين دخلوا النار قبلهم، والمعنى: لأجل أولاهم؛ لأن قولهم لله لا لأولاهم، { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا }.

قال ابن عباس: لأنهم شرعوا لنا أن نتخذ من دونك إلهاً.

{ فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً } أي: مضاعفاً { مِّنَ ٱلنَّارِ }؛ لأنهم ضلوا وأضلوا، { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ } أي: عذاب مضاعف، { وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ }.

قرأ أبو بكر عن عاصم: " يعلمون " بالياء. وقرأ الباقون بالتاء على المخاطبة.

فمن قرأ بالتاء فعلى معنى: لا تعلمون أيها المخاطبون ما لكل فريق منكم من العذاب.

وقال الزجاج: يجوز أن يكون - والله أعلم -: ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا [مقدار] ذلك.

ومن قرأ: " يعلمون " فعلى معنى: لا يعلم كل فريق منهم ما للآخر من العذاب.

{ وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } يقتضي في حقكم التخفيف بالنسبة إلينا والتضعيف علينا، كأنهم التمسوا التسوية في العذاب؛ لاشتراكهم في سببه.

قال الله تعالى: { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } أيها القادة والأتباع، { بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } من الكفر والتكذيب.

ويجوز أن يكون هذا من تمام قول القادة للأتباع.