الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } * { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ }

{ فَدَلاَّهُمَا } هذا مجاز عن إلقائهما في هوة { بِغُرُورٍ } وكل واقع في مثل ذلك، فإنه نازل من علو إلى استفال، ومن كرامة إلى إذلال.

قال الأزهري: أصله: تدلية العطشان في البئر ليَرْوى من الماء فلا يَجِد الماء، فيكون مُدَلَّى بالغرور، ثم وضعت التَّدْلِيَةُ موضع الإطماع فيما لا يُجْدي نفعاً، فيقال: دلَّاه إذا أطمعه في غير مطمع.

قال ابن عباس: غرّهما باليمين، وكان آدم يظن أن أحداً لا يحلف بالله كاذباً.

{ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ } أي: أكلا منها، قال الزجاج: قوله: " ذاقا " يدل على أنهما لم يُبالِغَا في الأكل.

{ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } قال وهب: كان لباسهما نوراً يحول بينهما وبين النظر.

{ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } أي: أقبلا، يقال: طَفِقَا وطَفَقَا، بفتح الفاء وكسرها. وبالفتح قرأ أبو [السَّمَّال].

قال قتادة: أقبلا يرقعان ويصلان عليهما من ورق الجنة، وهو ورق التين، حتى صار كهيئة الثوب.

{ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ } على وجه التوبيخ والعتاب: { أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ... الآية }.

ويروى أنه قال: ألم يكن لك فيما أبحتك ومنحتك من الجنة مندوحة عن الشجرة؟ فبعزتي حلفتُ لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كداً. فأُهبط وعُلّم صنعة الحديد، وأمر الحرث فحرث وزرع، وسقى وحصد، وداس وذرى، وعجن وخبز.

ومعنى قوله: { فِيهَا تَحْيَوْنَ } أي: في الأرض تعيشون، { وَفِيهَا تَمُوتُونَ } أي: فيها قبوركم، { وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } للبعث. وما لم أذكره هاهنا مُفسّر في البقرة.