قوله تعالى: { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } ، الوَسْوَسَة: حديث النفس. يقال: وَسْوَسَتْ إليه نفسه وَسْوَسَة ووِسْواساً - بكسر الواو -. والوَسْواسُ - بفتح الواو -: الاسم، ووَسْوَسَ الرجل؛ إذا تكلم كلاماً خفياً، ووَسْوَسَ الحلي، قال الشاعر:
تَسْمَعُ للحَلْي وَسْواساً إذا انْصَرَفَتْ
كما اسْتَعانَ بِريحٍ عِشْرِقٌ زَجلُ
وهو فعل غير متعد؛ كَوَلْوَلَت المرأة، وَوَعْوَع الذئب. والمعنى: ألقى الشيطان إليهما ذلك في خفية. وقد ذكرنا في البقرة كيفية توصله إليهما. واللام في قوله: { لِيُبْدِيَ لَهُمَا } لام العاقبة؛ لأن مراد الشيطان معصيتهما لا إبداء سوأتهما. ويجوز أن يكون إبداء سوأتهما غرضاً له ليسوؤهما إذا رأيا ما يواريان ستره، وقوله: { مَا وُورِيَ } أي: ما ستر، من المواراة، ومنه:{ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ } [المائدة: 31]. وفي قراءة ابن مسعود: " ما أُوري " على قلب الواو المضمومة همزة. { وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ } وقرأت شاذاً: " هذي الشجرة " على الأصل، فإن الأصل: الياء، والهاء بدل منها. { أَن تَكُونَا } أي: كراهة أن تكونا { مَلَكَيْنِ } فلا تموتان إلى يوم القيامة. وقرأ ابن عباس: " مَلِكين " بكسر اللام، لقوله:{ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } [طه: 120]. { أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } فلا تموتان أبداً. { وَقَاسَمَهُمَآ } أي: حلف لهما، { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ }. قال ابن عباس وقتادة: حلف لهما بالله حتى خدعهما، وإنما يخادع المؤمن بالله. قال: إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما فاتبعاني أرشدكما.