الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }

قوله تعالى: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً } هذا عام في أنواع الأذكار من قراءة القرآن، والتسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، والدعاء، وغير ذلك تضرعاً في طلب ثوابه، وخيفة من عقابه، { وَدُونَ ٱلْجَهْرِ } أي: متكلماً كلاماً دون الجهر، { مِنَ ٱلْقَوْلِ }؛ لأن الإخفاء أقعد في الإخلاص، وأبعد من شوائب الرياء وأقرب إلى [الإخلاص]، { بِٱلْغُدُوِّ }.

وقال الواحدي والإمام أبو الفرج ابن الجوزي: الغُدُوّ: جمع غَدْوَة.

والمعروف في اللغة: غُدْوة وغدىً، وقولهم: غَدَوات: جمع غَداة، مثل: قَطَاة وقَطَوات.

[وقولهم]: إني لآتيه بالغدايا والعشايا، هو الازدواج [في] الكلام، كما قالوا: هَنَأَني الطعام ومَرَأَني، وإنما هو أَمْرَأَني، والغدو نقيض [الرواح]، تقول: غَدَا يَغْدُو غَدْواً، فمعنى الآية: اذكر ربك بأوقات الغدو، وهي الغَدَوات، فعبّر بالفعل عن الوقت، كما يقال: أتيتك طلوع الشمس، أي: وقت طلوعها.

{ وَٱلآصَالِ } جمع أُصُل، وأُصُل جمع أصيل، وهي العشيات.

قال أبو عبيدة: هي ما بين صلاة العصر إلى المغرب.

ويجمع أيضاً أَصِيل على أُصَيْلان، مثل: بعير وبِعران، ثم صَغَّروا الجمع فقالوا: أُصْلان، ثم أبدلوا من النون لاماً فقالوا: أُصَيْلال، ومنه قول النابغة:
وَقَفْتُ فيها أُصَيْلالاً أُسَائِلُها   عَيَّتْ جَوَاباً وما بالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
ويروى عن ابن عباس: أن المراد بالذِّكر: القراءة في الصلاة، صلاة الفجر وصلاة العصر.

{ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ } اللاَّهين عن الذِّكر.

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ } يريد: الملائكة، { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } أي: طاعته والخضوع لجلاله في الصلاة وغيرها.

{ وَيُسَبِّحُونَهُ } قال عبدالله بن عمرو بن العاص: الملائكة عشرة أجزاء، الكروبيون الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون تسعة أجزاء، وجزء واحد الذين وكلوا بخزانة كل شيء.

وقال هارون بن رئاب [الأُسَيِّدي]: حملة العرش ثمانية، يتجاوبون بصوت رخيم، تقول أربعة: سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك، وتقول الأربعة الأخرى: سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك.

وقال سعيد بن جبير: يقال: أن أهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت، وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان ذي العز والجبروت، وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان الحي الذي لا يموت.

وروى أبو هريرة عن النبي قال: " إن الله أذن لي أن أحدث عن ملك قد خرقت رجلاه الأرض، وعنقه مثنية تحت العرش، وهو يقول: سبحانك ما أعظمك ربنا. قال: فيرد عليه ما يعلم بذلك الذي يحلف به كاذباً ".

وقال علي عليه السلام في المَلَك المسمى [بالرُّوح]: هو مَلَك من الملائكة له سبعون ألف وجه، في كل وجه سبعون ألف لسان، في كل لسان سبعون ألف لغة، يسبح الله بتلك اللغات كلها، ويخلق من كل تسبيحة مَلَك يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة.

السابقالتالي
2