قوله تعالى: { أَيُشْرِكُونَ } يعني: الذين اتخذوا الأوثان آلهة، { مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً } لأنه جمادٌ لا يقدر على شيء فيجعلونها شركاء لله، الذي خلق ورزق يعبدونها من دونه، { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } يعني: الأصنام. وإنما أجريت مجرى من يعقل؛ لأن عابديها اعتقدوا فيها أنها تعقل وتميز. { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } يعني: الأصنام { لَهُمْ نَصْراً } يعني: لعابديها، { وَلآ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } فيدفعوا عنها ما يؤذيها ويرديها. { وَإِن تَدْعُوهُمْ } يعني: الأصنام. وقيل: الكفار. فإن قلنا: هم الأصنام، فالمعنى: إن تدعوهم إلى ما هو هدى ليهدوكم إليه ويدلوكم عليه، كما تطلبون من الله الخير والهدى، لا يتبعونكم إلى ما تريدون منهم. وإن قلنا: هم المشركون، فالمعنى: وإن تدعو أيها الرسول والمؤمنون المشركين إلى الهدى لا يتبّعوكم. وقرأ نافع: " يَتْبَعُوكُمْ " بالتخفيف، وهما لغتان بمعنى واحد. { سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ } أي: متعادل عندكم، { أدعوتموهم أم أنتم صامتون } عن ذلك الدعاء؛ لأنه لا يرجى منهم الإجابة. { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني: الأصنام، { عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } قال ابن السائب: مملوكون أمثالكم. وقال الأخفش: عباد أمثالكم في التسخير، أي: أنهم مسخرون مذللون لأمر الله. وقال صاحب الكشاف: قوله: " عباد أمثالكم " استهزاء، أي: قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء، فإن ثبت ذلك فهم عباد أمثالكم، لا تفاضل بينكم، ثم أبطل أن يكونوا عباداً أمثالهم فقال: { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ }. وقرأ سعيد بن جبير: " إنِ الذين تدعون من دون الله عباداً أمثالكم " بتخفيف: " إنْ " ، ونصب " عباداً أمثالكم ". والمعنى: ما الذين تدعون من دون الله [إلا] عباداً أمثالكم، على إعمال " إن " النافية عمل " ما " الحجازية. ثم إن الله تعالى بيّن نقصان الآلهة بالنسبة إلى عابديها توبيخاً لهم، وتضليلاً لآرائهم، وتجهيلاً لأحلامهم؛ فذلك قوله: { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ... الآية } ، المعنى: فكيف عبدتموها وأنتم أفضل منها بالأرجل الماشية، والأيدي الباطشة، والأعين الباصرة، والآذان السامعة، { قُلِ } لهم يا محمد مجيباً لهم عن تخويفهم إياك بآلهتهم، { ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ } أي: استعينوا بهم في معاداتي، { ثُمَّ كِيدُونِ } أنتم وهم، { فَلاَ تُنظِرُونِ } أي: لا تمهلون.