الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } * { وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ }

قوله تعالى: { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } ، الوَسْوَسَة: حديث النفس. يقال: وَسْوَسَتْ إليه نفسه وَسْوَسَة ووِسْواساً - بكسر الواو -. والوَسْواسُ - بفتح الواو -: الاسم، ووَسْوَسَ الرجل؛ إذا تكلم كلاماً خفياً، ووَسْوَسَ الحلي، قال الشاعر:
تَسْمَعُ للحَلْي وَسْواساً إذا انْصَرَفَتْ   كما اسْتَعانَ بِريحٍ عِشْرِقٌ زَجلُ
وهو فعل غير متعد؛ كَوَلْوَلَت المرأة، وَوَعْوَع الذئب. والمعنى: ألقى الشيطان إليهما ذلك في خفية. وقد ذكرنا في البقرة كيفية توصله إليهما.

واللام في قوله: { لِيُبْدِيَ لَهُمَا } لام العاقبة؛ لأن مراد الشيطان معصيتهما لا إبداء سوأتهما. ويجوز أن يكون إبداء سوأتهما غرضاً له ليسوؤهما إذا رأيا ما يواريان ستره، وقوله: { مَا وُورِيَ } أي: ما ستر، من المواراة، ومنه:يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ } [المائدة: 31].

وفي قراءة ابن مسعود: " ما أُوري " على قلب الواو المضمومة همزة.

{ وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ } وقرأت شاذاً: " هذي الشجرة " على الأصل، فإن الأصل: الياء، والهاء بدل منها.

{ أَن تَكُونَا } أي: كراهة أن تكونا { مَلَكَيْنِ } فلا تموتان إلى يوم القيامة.

وقرأ ابن عباس: " مَلِكين " بكسر اللام، لقوله:وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } [طه: 120].

{ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } فلا تموتان أبداً.

{ وَقَاسَمَهُمَآ } أي: حلف لهما، { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ }.

قال ابن عباس وقتادة: حلف لهما بالله حتى خدعهما، وإنما يخادع المؤمن بالله. قال: إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما فاتبعاني أرشدكما.