الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ } قال ابن عباس: يعني: اليهود.

وقال الحسن وقتادة: يعني: كفار قريش.

{ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } أي: القيامة، سميت ساعة؛ لوقوعها بغتة، أو لسرعة حسابها، أو لأنها مع طولها عند الله كساعة.

وقال الزجاج: الساعة هاهنا: الساعة التي يموت فيها الخلق.

{ أَيَّانَ } ظرف مبني على الفتح، لتضمنه معنى الاستفهام.

قال أبو عبيدة: المعنى: متى منتهاها.

و { مُرْسَٰهَا } السفينة حيث تنتهي.

وقيل: المعنى: متى ثبوتها واستقرارها، ومنه قيل للجبال: رواسي، ومنه: أَرْسى السفينة.

{ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي } أي: هو المستأثر بعلمها، { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ } أي: لا يوضحها ويظهرها في وقتها { إِلاَّ هُوَ } ، { ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: ثَقُلَ وقوعها وعَظُمَ على أهل السموات والأرض محسنهم ومسيئهم، { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } فجأة، وهو مصدر في محل الحال.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم أحمد بن عبدالله بن عبدالصمد العطار وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة الصوفي البغداديان قالا: أخبرنا أبو الوقت عبدالأول بن عيسى بن شعيب السجزي، أخبرنا أبو الحسن عبدالرحمن بن المظفر الداودي، أخبرنا عبدالله بن أحمد بن حمويه السرخسي، أخبرنا محمد بن يوسف بن مطر [الفربري] حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن عبدالرحمن، [عن] أبي هريرة أن رسول الله قال: " لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كل يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم، [وتكثر] الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرْج -وهو القتل-، وحتى يكثر فيهم المال فيفيض، حتى يهم ربُّ المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه، فيقول الذي يعرضه عليه لا أَرَبَ لي فيه، وحتى يتطاول الناس بالبنيان، وحتى يمرَّ الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، ولتقومنّ الساعة وقد نَشَرَ الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومنّ الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها ". وأخرجه مسلم أيضاً.

قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } أي: كأنك استحفيت في السؤال واستقصيت حتى علمتها.

وقال الزجاج: المعنى -والله أعلم-: كأنك فرح بسؤالهم. يقال: قد تحفيت بفلان في المسألة، إذا سألت به سؤالاً أظهرت فيه المحبّة والبرّ به، وأحفى فلان بفلان في المسألة، وإنما تأويله الكثرة، يقال: حفى الدابة تَحْفَى حفىً -مقصور- إذا كثر عليه ألم المشي حتى يؤلمه.

{ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } يعني: أهل مكة، { لاَ يَعْلَمُونَ } أن الساعة كائنة، وأن الله مستأثر بعلمها.