الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا } ، سبب نزولها: أن رجلاً دعا الله في صلاته ودعا الرحمن، فقال الأحمق الجاهل أبو جهل: أليس يزعم محمداً وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو اثنين؟ فنزلت هذه الآية.

والحسنى: تأنيث الأحسن، وقد سبق ذكره.

والمعنى: ولله الأسماء الدالة على المعاني الحسنة، والأوصاف الجميلة، من الرحمة والمغفرة والحلم والعفو والرزق والتعظيم والتحميد والتقديس، { فَٱدْعُوهُ بِهَا } أي: اسألوه بأسمائه الحسنى وتوسلوا إليه بها، كقولك: يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا كريم، يا حليم.

قرأتُ على الشيخ عماد الدين أبي محمد عبدالله بن الحسن بن الحسين بن أبي السنان بالموصل في المحرم سنة أربع وعشرين وستمائة، ومولده سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، أخبركم الشيخ الحافظ أبو سعيد عبداللطيف بن أبي سعد البغدادي سنة خمس وخمسين وخمسمائة فأقرَّ به، أخبرنا أبو القاسم غانم بن أبي نصير محمد بن عبيد الله البرجي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن فاذشاه، حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني، حدثنا أسلم بن سهل، حدثنا محمد بن أبان الواسطي، حدثنا عمران بن خالد الخزاعي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: " إن لله تسعة وتسعين اسماً، من [أحصاها] دخل الجنة ".

قال: هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم عن محمد بن رافع، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.

فإن قيل: أسماء الله كثيرة جداً، فما وجه الحديث؟

قلت: ليس المراد حصر أسماء الله تعالى في هذا العدد، وإنما المعنى: أن هذه الأسماء من أحصاها دخل الجنة، كما تقول: لزيد مائة درهم أعَدَّها للصدقة، ولا يدل على أنه ليس عنده أكثر من ذلك؛ وإنما يدل على أن الذي عنده للصدقة هذا القدر.

فإن قيل: ما معنى: " أحصاها "؟

قلت: عنه أجوبة: أحدها: أن معناه: حفظها. وفي بعض ألفاظ الحديث: " من حفظها ".

الثاني: أن المعنى: من أطاقها، كقوله تعالى:عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ } [المزمل: 20]، وقوله عليه السلام: " استقيموا ولن تحصوا ".

والمعنى: من أطاق العمل بها؛ كالسميع والعليم، فالعمل بهما أن يكفّ لسانه عن قول ما لا يجوز، ويجتنب في خلواته ما يكره اطلاع الناس عليه، ولا يركن ويعزم على ما يحرم، وعلى هذا سائر الأسماء.

الثالث: أن المعنى: من عقلها وآمن بها دخل الجنة، مأخوذ من الحَصَاة، وهو العَقْل.

قال طرفة:
وإنَّ لسانَ المرْءِ ما لم يَكُنْ له   حَصَاةٌ على عَوْرَاتِهِ لَدَلِيلُ

السابقالتالي
2 3 4