الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا } أي: خلقنا { لِجَهَنَّمَ كَثِيراً } خلقنا كثيراً { مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } وهم الذين حقّت عليهم الكلمة الأزلية بالشقاء الذين خلقوا للنار. قرأتُ علي أبي المجد محمد بن الحسين القزويني، أخبركم الإمام أبو منصور محمد بن أسعد المعروف بحفدة العطاري فأقرَّ به، قال: حدثنا الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، أخبرنا أبو بكر يعقوب بن أحمد بن محمد الصيرفي، حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد المخلدي، أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي حمزة البلخي، حدثنا موسى بن محمد بن الحكم الشطوي، حدثنا حفص بن غياث، عن طلحة [بن] يحيى، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: أدرك النبي جنازة صبي من صبيان الأنصار، فقالت عائشة رضي الله عنها: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله: " وما يدريك، إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم " هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة بنت طلحة.

ومنه أيضاً: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله:وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ } [الأعراف: 172] وقد سبق آنفاً.

قوله تعالى: { لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا } أي: لا يفهمون ولا يعقلون بها الحق، { وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا } العجائب [الدالّة] على وحدانية خالقها وقدرته وعظمته، { وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ } مواعظ القرآن ودلائل التوحيد، { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ } في عدم التفكر والاعتبار، وما يُدرك بالأسماع والأبصار.

وقال مقاتل: { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ } يأكلون ويشربون ولا يلتفتون إلى الآخرة.

{ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } من الأنعام؛ لأنها تجتلب منافعها وتجتنب مضارّها، والكفار يقتحمون النار معرضين عن مصالحهم، { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } الكاملون الغفلة.