الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِي ۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } * { سَآءَ مَثَلاً ٱلْقَوْمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ } * { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

قوله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِي ۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } أي: اقصص على اليهود. وقيل: على قومك. والأول أظهر؛ لأن المقصود من تلاوة هذا الخبر تحذيرهم وتقريعهم، وتشبيههم بالمنسلخ من آيات [الله]؛ لكونهم عرفوا الكتاب والعلم الأول، فانسلخوا من ذلك، كفراً بمحمد وحسداً له.

ويجوز عندي -والله أعلم-: أن يراد بقوله: " واتل عليهم " جميع الناس، ويرجع الضمير في " عليهم " إلى بني آدم، وقد تقدم ذكرهم في قوله:وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ } [الأعراف: 172].

وفي المشار إليه أربعة أقوال:

أحدها: أنه بلعام. واختلف في اسم أبيه، فالمشهور في التفسير والمنصوص عن ابن عباس: أنه ابن باعوراء.

وروي عن ابن عباس: أنه من مدينة الجبارين، من الكنعانيين.

وروى عنه عطية: أنه كان من بني إسرائيل.

وروي عنه: أنه رجل من أهل اليمن.

وكان من حديثه على ما ذكره ابن عباس ونقله محمد بن إسحاق والسدي وغيرهم: أن موسى عليه السلام لما قصد حرب الجبارين ونزل أرض بني كنعان من أرض الشام، وكان بلعام بقرية من قرى البلقاء، وكان أهلها كفاراً، وكان عنده الاسم الأعظم، فغزاهم نبي الله موسى عليه السلام، فأتاه قومه فقالوا: يا بلعام، هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل قد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا، وإنا قومك، وأنت رجل مجاب الدعوة، فاخرج فادع الله عليهم، فقال: ويلكم نبي الله ومعه الملائكة والمؤمنون، فكيف أدعو عليهم، وأنا أعلم من الله ما [لا] تعلمون؟ فما زالوا يتضرعون إليه حتى فتنوه، فركب حماره متوجهاً إلى الجبل الذي يطلعه على عسكر بني إسرائيل، فسار قليلاً فَرَبَضَتْ أتانه، فنزل عنها فضربها، فأذن الله لها في كلامه فقالت: ويحك يا بلعام أين تذهب؟ أما ترى الملائكة أمامي؟ أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم؟ فلم يرتدع.

ويروى: أنه رجع، فقال ملكهم: إما أن تدعو عليهم وإما أن أصلبك، فدعا عليهم وعلى موسى بالاسم الأعظم أنهم لا يدخلوا المدينة، [فوقع] موسى وقومه في التيه بدعائه، فقال موسى: يا رب كما استجبت دعاءه عليّ فاستجب دعائي عليه، فدعا الله تعالى أن ينزع منه الاسم الأعظم فنزعه منه.

ويروى: أن موسى قتله بعد ذلك.

ويروى: أن بلعام لما أراد أن يدعو على بني إسرائيل، جعل لا يدعو عليهم بشيء إلا صرف لسانه إلى قومه، ولا يدعو لقومه بشيء إلا صُرف إلى بني إسرائيل، فقيل له في ذلك، فقال: هذا شيء قد غلب الله عليه، فاندلع لسانه فوقع على صدره، فقال لهم: ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة، ولم يبق إلا المكر والحيلة، وسأحتال لكم، جمّلوا النساء وأرسلوهن في عسكر بني إسرائيل، ومروهن أن لا تمنع امرأة نفسها، فإنه إن زنى رجل واحد منهم كفيتموهم، فوقع رجل منهم على امرأة، فأرسل الله على بني إسرائيل الطاعون فهلك منهم سبعون ألفاً في ساعة واحدة.

السابقالتالي
2 3 4