الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }

قوله تعالى: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } أمر الله تعالى نبيه أن يبلغ الناس أنه رسوله إليهم أجمعين، عربهم وعجمهم، ودانيهم وقاصيهم، فحين باداهم بذلك وناداهم آمراً وناهياً، شَرِقُوا بذلك، فكذبوه وآذوه، ولم يسارع إلى تصديقه واتباعه ومعاضدته ومناصرته إلا الصديق الأكبر، شيخ الإسلام وخليفة رسول الله أبو بكر بن أبي قحافة، رضي الله عنه وأرضاه، وأحسن جزاءه عن الإسلام وأهله.

أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول من صلى أبو بكر رضي الله عنه، ثم تمثّل بأبيات حسان:
إذا تذكرت شجواً من أخي ثقةٍ   فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خيرُ البرية أتقاها وأعدلها   إلا النبي وأوفاها بما حملا
الثاني التالي المحمود مشهده   وأول الناس حقاً صدّق الرسلا
قرأتُ على الشيخ أبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة، أخبركم عبد الأول.

أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبدالله بن عبدالصمد العطار، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عبدالله بن أحمد بن حمويه، أخبرنا محمد بن يوسف [الفربري]، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا زيد بن واقد، عن بسر بن عبيدالله، عن عائذ الله أبي إدريس، عن أبي الدرداء، قال: " كنت جالساً عند النبي إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي: أما صاحبكم فقد غامر فسلم، فقال: إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى عليّ، فأقبلت إليك فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر، ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر، فسأل أثَمَّ أبو بكر؟ قالوا: لا، فأتى النبي، فجعل وجه النبي يَتَمَعَّر حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنتُ أظلم، مرتين. فقال النبي: إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بماله ونفسه، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي، مرتين. فما أوذي بعدها " انفرد بإخراجه البخاري.

قوله تعالى: { جَمِيعاً } حال من " إليكم " ، { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } في موضع نصب على المدح، أو في موضع جر على الوصف.

والمراد بكلماته: كتبه ووحيه.

وقرأ شاذاً: " وكَلِمَتِهِ " على التوحيد.

وقال مجاهد: أراد: عيسى بن مريم.

وقيل: القرآن.

وقيل: اسم جنس.

ويجوز عندي والله أعلم: أن يراد بالكلمة: كلمة التقوى، وهي: (لا إله إلا الله). { وَٱتَّبِعُوهُ } فيما أمركم به ونهاكم عنه { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }.

قوله تعالى: { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ } أي: يعلمون به ويدعون إليه، { وَبِهِ يَعْدِلُونَ } يحكمون، وهم الذين اعتصموا بالهدى من بني إسرائيل.

السابقالتالي
2