الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُفْتَرِينَ } * { وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ }

قوله تعالى: { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً } الأسيف: الشديد الغضب، ومنه:فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [الزخرف: 55].

وقيل: الحزين.

{ قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ } جائز أن تكون خطاباً للسامري وأشياعه الذين تلبسوا بعبادة العجل، وجائز أن تكون خطاباً لأخيه ووجوه بني إسرائيل.

والمعنى على الأول: بئسما خلفتموني من بعدي حيث اتخذتم العجل إلهاً.

والمعنى على الثاني: بئسما خلفتموني حيث لم تأخذوا على أيدي الكفرة الفجرة الذين عبدوا العجل وأعرضوا عن عبادة الله تعالى.

وفاعل " بئس " مضمر، يفسره: " ما خلفتموني " ، والمخصوص بالذم محذوف، تقديره: بئس خلافة خلفتمونيها من بعدي خلافتكم.

وفائدة قوله: " من بعدي " مع قوله: " خلفتموني " تذكيرهم ما شاهدوا من معجزاته الباهرة وآياته الظاهرة، كأنه قيل: بئسما خلفتموني من بعد ما رأيتم مني من المعجزات الدالة على عظمة الله تعالى وقدرته ووحدانيته.

قوله تعالى: { أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ } تقول: [عجلت] عن كذا؛ إذا تركته ناقصاً لم تتمه، ويتضمن معنى سبق، فيعدى تعديته، يقال: عجلت كذا. والمعنى: أعجلتم أمر ربكم وميقات الأربعين فلم تصبروا، وحدثتم أنفسكم بموتي، فعبدتم غير الله وغيّرتم كما غيّرت الأمم قبلكم.

وكان عليه [الصلاة والسلام] حديداً سريع الغضب، قوي البطش، عظيم الانتقام لله.

{ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ } التي فيها التوراة. قال ابن عباس: لما رمى الألواح فتحطمت رفع منها ستة أسباعها وبقي سُبع.

قال المفسرون: وكان فيما رُفع تفصيل كل شيء، وفي ما بقي الهدى والرحمة.

أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه في المسند من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: " ليس الخبر كالمعاينة، إن الله أخبر موسى بما صنع قومه في العجل، فلم يُلْقِ الألواح، فلما عاين ما صنعوا، ألقى الألواح فانكسرت ".

قوله تعالى: { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ } يعني: هارون عليه السلام وكان أكبر منه، وأحبّ إلى بني إسرائيل وألين عريكة، كما ذكرناه فيما مضى، { يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } بذؤابته ولحيته غضباً لله، وحميّة للدين، وظناً منه أنه أساء في خلافته وعصى بإقامته بين أظهرهم، ألا تراه يقول:مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } [طه: 92-93]، فقال له هارون معتذراً ومستعطفاً وباعثاً لدواعي شفقته ومرققاً له؛ بذكر من كان بطنها لهما وعاء، وثديها سقاء، وحجرها حواء، وممتّاً إليه بقرابة من لاقت الأهوال وقاست الشدائد في تربيته، { ٱبْنَ أُمَّ } قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص: بفتح الميم، مِنْ أمَّ، هنا وفي طه، وكسرها الباقون.

فمن فتح جعل الاسمين اسماً واحداً لكثرة الاستعمال وبناه على الفتح؛ كخمسة عشر. ومن كسر فعلى حذف ياء الإضافة.

وقرأ ابن السميفع: بإثبات الياء على الأصل.

السابقالتالي
2