الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } * { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } * { فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } * { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ }

{ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } الذي عليه حذّاق النحاة: أن " مهما " كلمة تستعمل للشرط والجزاء، أصلها " ما ما " الأولى للجزاء، والثانية زيدت للتوكيد، كما في سائر حروف الجزاء، نحو:فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ } [الأنفال: 57]، ومتى ما، ثم إنهم قلبوا الألف في الأولى هاء؛ فراراً من تكرير المتجانسين، وهذا قول الخليل وسيبويه وسائر البصريين.

قال ابن زيد: معناه: ما تأتنا به، والثانية زائدة.

وقال الكسائي: " مَهْ " للزجر، و " ما " للجزاء.

قال الواحدي: ومعنى الآية: أنهم قالوا لموسى: متى ما أتيتنا بآية، مثل: اليد والعصا، لتسحرنا بها فإنا لن نؤمن لك.

وهذا كلام مدخول فيه على الواحدي، فإن " مهما " ليست من أسماء الزمان.

وإلى هذا أشار صاحب الكشاف بقوله: وهذه الكلمة في عداد الكلمات التي يحرّفها مَنْ لا يد له في العربية، فيضعها غير موضعها، ويحسب " مهما " بمعنى " متى ما " ، ثم يذهب فيفسر { مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ } بمعنى الوقت، فيُلحد في آيات الله وهو لا يشعر، وهذا وأمثاله مما يوجب الجثو بين يدي الناظر في كتاب سيبويه. وإنما سمّوها آية على طريق الاستهزاء.

قوله تعالى: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ } المشهور: أن ذلك كان بعد أن فرغ أمر السحرة.

وقال السدي: كان قبل أمر السحرة.

قال الأخفش: والطوفان: جمع طُوفَانة، وهو السيل الطاغي.

قال ابن عباس وأكثر المفسرين: أرسل الله عليهم المطر ليلاً ونهاراً ثمانية أيام، فكان الرجل لا يقدر على الخروج، وامتلأت بيوت القبط ماء دون بيوت بني إسرائيل حتى خافوا الغرق.

وقيل: أرسل الله عليهم الطاعون والمَوْتان.

وروي عن النبي: " أنه الموت الذريع الجارف ". وهو قول جماعة، منهم: مجاهد، وعطاء.

قال ابن عباس وغيره: فاستغاثوا بموسى وقالوا: سل ربك أن يكشف عنا الطوفان ونحن نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا موسى ربه فكشفه عنهم، فنبت في ذلك العام من الكلأ والزرع ما لم يعهد مثله، فقالوا: هذا ما كنا نتمنى، فأصروا على كفرهم وعنادهم، فأرسل الله عليهم الجراد فأكل عامة زروعهم وثمارهم، ثم أكل كل شيء حتى الأبواب وسقوف البيوت، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منه شيء، ففزعوا إلى موسى ووعدوه التوبة، فدعا ربه عز وجل فكشفه عنهم، فلم يتوبوا، فسلّط الله على ما بقي عندهم من أقواتهم القمّل.

قال سعيد بن جبير: فأكل ما أبقاه الجراد ولحس الأرض، وكان يدخل بين ثوب الرجل وجلده فيمصّه، وكان أحدهم يخرج عشرة أجربة إلى الرحى فلا يردّ منها إلا شيئاً يسيراً.

واختلفوا في القُمّل؛ فقيل: هو السوس الذي يكون في الحنطة، وهو معنى قول الحسن وسعيد بن جبير: هو دواب سود صغار.

السابقالتالي
2 3