الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلْحَاقَّةُ } * { مَا ٱلْحَآقَّةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } * { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } * { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } * { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } * { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } * { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ }

قال الله تعالى: { ٱلْحَاقَّةُ * مَا ٱلْحَآقَّةُ } قال المفسرون: الحاقة: الساعة.

قال الفراء: سميت بذلك؛ لأن فيها حوّاق الأمور.

وقال الزجاج: لأنها تُحِقُّ كل إنسان بعمله من خير وشر.

وقال غيره: " الحاقة ": هي الساعة الواجبة الوقوع، الثابتة المجيء.

والرفع على الابتداء، والخبر: " ما الحاقة ".

والمعنى: أي شيء هي الحاقة، على مذهب التفخيم لشأنها، والتعظيم لأمرها، وكذلك قوله: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ }. وهذا لا يختص بالمدح، بل هو [جارٍ] في المدح والذم.

وموضع: " ما الحاقة " في الموضعين: الرفع على الابتداء.

قوله تعالى: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } قال ابن عباس: القارعة: اسم من أسماء يوم القيامة.

قال مقاتل: وإنما سميت القارعة؛ لأن [الله] يقرع أعداءه بالعذاب.

وقال غيره: لأنها تَقْرَعُ الناسَ بالأفزاع والأهوال، والسماءَ بالانشقاق والانفطار، والأرضَ والجبال بالدكّ والنسف، والنجومَ بالطمس والانكدار. ووُضعت موضع الضمير ليدل على معنى القرع في الحاقة؛ زيادة في وصف شدتها.

{ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } قال ابن عباس ومجاهد: بطغيانهم وكفرهم. وفاعلة تأتي بمعنى المصادر؛ كالخائنة [والعافية] والعاقبة.

وقال قتادة: بالصيحة الطاغية. وذلك أنها جاوزت مقدار الصياح.

وقال ابن زيد: الطاغية: عاقر الناقة.

والريح الصرصر مفسرة في سورة حم السجدة، والعاتية: التي جاوزت المقدار.

وجاء في التفسير: أنها عتت على الخزّان، فخرجت بلا كيل ولا وزن.

{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ } التسخيرُ: استعمالُ الشيء على وجه الاستعلاء والاقتدار.

والمعنى: سلّطها عليهم.

{ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } قال ابن عباس: تباعاً.

قال الفراء: الحُسُوم: التتابع.

وقال الزجاج: الذي تُوجبه اللغة في معنى قوله: " حسوماً " ، تحسمهم حسوماً أي: تُفنيهم وتُذهبهم.

فعلى معنى قول الزجاج: هو مصدر؛ كالشكور والكفور، أو هو صفة، أي: ذات حسوم، أو هو مفعول له، تقديره: سخرها عليهم للاستئصال.

وقُرئ شاذاً: " حَسُوماً " بفتح الحاء، فيكون حالاً من الريح، أي: سخّرها عليهم مستأصلة.

وقال غيره: هو جمع حاسم؛ كشاهد وشهود، وقاعد وقعود.

فالمعنى: أنها نحسات حَسَمَت كلَّ خير، واستأصَلَتْ كلَّ بركة، وهي الأيام التي تُسميها العرب أيام الأعجاز، وأيام العُجُز، وهي آخر الشتاء.

وقيل: أيام العجوز، وذلك أن عجوزاً من عادٍ توارت في سَرَبٍ، فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأهلكتها، وأنشدوا فيها:
كُسِعَ الشِّتَاءُ بسبعةٍ غُبْرِ   أيامِ شَهْلَتِنَا مِنَ الشَّهْر
فإذا انقضتْ أيامُ شَهْلَتِنَا   بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْر
وبِآمِرٍ وأخِيهِ مُؤْتَمِر   ومُعَلَّلٍ وبِمُطْفِئٍ الجَمْر
ذهَبَ الشتاءُ مُوَلِّياً هَرَباً   وأتَتْكَ وَاقِدَةٌ منَ الحرِّ
قال الزمخشري: ويقال: ومكفيء الظعن.

قلتُ: فعلى هذا؛ تكون ثمانية أيام، كما في كتاب الله عز وجل، والأكثرون لم يذكروا هذا الاسم الثامن، فتكون الريح أرسلت عليهم في يوم آخر منضماً إلى [الأيام] السبعة.

السابقالتالي
2