الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ } * { وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } * { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { فَلاَ أُقْسِمُ } " لا " ردٌ لقول المشركين.

أي: ليس الأمر كما قالوا من نسبتهم الرسول إلى الشعر والكهانة، أو هي زائدة مؤكدة، وهو مذكور في الواقعة.

{ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } أي: بما ترون وما لا ترون، فهو قسم بجميع الكائنات من السماوات، والملائكة، والعرش، والجنة والنار، والأرض، والإنس والجن، والدنيا والآخرة.

وقيل: هو قسم بالخالق والمخلوق.

وقيل: ما أظهر عليه الملائكة وما استأثر بعلمه.

وقيل: ما تبصرون من آثار القدرة، وما لا تبصرون.

وقيل: أراد الأرواح والأجسام.

{ إِنَّهُ } يعني: القرآن { لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم، في قول جمهور المفسرين.

وقال ابن السائب: جبريل عليه السلام.

والأول أصح؛ لقوله: { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ } والمعنى: إنه لقول رسول كريم جاء به من عند الله.

ودلّ على هذا المحذوف ذكر الرسول، فإنه يستدعي مُرْسِلاً، وهو الله تعالى.

{ وما هو بقول شاعر } كما زعم أبو جهل، { قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ }.

{ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ } كما زعم عقبة بن أبي معيط.

{ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } وقرأ ابن كثير وابن عامر: " يذكرون " و " يؤمنون " بالياء فيهما، حملاً على قوله:لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ } [الحاقة: 37].

قال الزجاج: " ما " مؤكدة، وهي لغوٌ في باب الإعراب. والمعنى: قليلاً يذَّكَّرون وقليلاً يؤمنون.

وقال غيره: القلَّة في معنى العدم، أي: لا يؤمنون ولا يذَّكَّرون البتة، على معنى: ما أكفركم وما أغفلكم.

{ تَنزِيلٌ } أي: هو تنزيل { مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.

وقرأ أبو [السَّمَّال]: " تنزيلاً " بالنصب على المصدر.

أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " خرجتُ أتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم، فوجدتُه قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجبُ من تأليف القرآن، فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش، فقرأ: { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } قال: قلت: كاهن، قال: { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ... إلى آخر السورة } قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موقع ".