الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ }

قوله تعالى: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } هاء: صوت يُصوَّتُ به، يُفْهَمُ منه: خُذْ.

قال الكسائي: العرب تقول للواحد: هاءَ، وللاثنين: هَاؤُما، وللثلاثة: هَاؤُم.

وقال الزجاج: " هَاؤُم " أمرٌ للجماعة، بمنزلة: هاكُمُ، تقول [للواحد]: هاءَ، وللاثنين: هَاؤُما يا رجلان، وللثلاثة: هَاؤُم يا رجال، وللمرأة: هاءِ يا امرأة -بكسر الهمزة-، وللاثنتين: هاؤُما، وللجماعة: هاؤُنّ.

وقال ابن قتيبة: " هاؤُم ": بمعنى: هَاكُم، فأبدلت الواو من الكاف.

قال المفسرون: إنما يقول هذا ثقة بسلامته وسروراً بنجاته.

{ إِنِّي ظَنَنتُ } أيقنت وعلمت في الدنيا { أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } يريد: الإخبار بأن سبب نجاته وإعطائه كتابه بيمينه؛ إيمانه في الدنيا بالبعث والحساب.

قرأ يعقوب: " كتابيه " و " حسابيه " في الموضعين، وكذلك: " ماليه وسلطانيه " بحذف الهاء في الوصل في المواضع الستة، وافقه حمزة في: " ماليه " و " سلطانيه " ، والهاء فيهن للسَّكْت، فلذلك أسقطها يعقوب في الوصل، وهو الوجه. والباقون اتبعوا المصحف.

قال الزجاج: الواجب أن يُوقف على هذه الهاءات ولا توصل؛ لأنها أدخلت للوقف، وقد حذفها قوم في الوصل، ولا أُحب مخالفة المصحف، ولا أن أقرأ وأثبت الهاءات في الوصل. وهذه رؤوس آيات، فالصواب أن يوقف عندها.

قال: وكذلك قوله:وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } [القارعة: 10].

قوله تعالى: { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } أي: في حالة من العيش يرضاها، أو ذات رضاً، مثل: لاَبِنٍ، وتَامِرٍ.

قال الزمخشري: " راضية " منسوبة إلى الرضا؛ كالدارع والنابل، والنسبة نسبتان: نسبة بالحرف، ونسبة [بالصيغة]. أو جعل الفعل لها مجازاً وهو لصاحبها.

قال أبو هريرة وأبو سعيد يرفعانه: إنهم يعيشون فلا يموتون [أبداً]، ويصحّون فلا يمرضون أبداً، وينعمون فلا يرون بؤساً أبداً، ويشبون فلا يهرمون أبداً.

{ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } مرتفعة المكان والمنازل والدرجات والأشجار.

{ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } ثمارها قريبة، ينالها القاعد.

وقد سبق هذا المعنى في سورة الرحمن.

{ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } على إضمار القول، تقديره: يقال لهم: كلوا واشربوا، { هَنِيئَاً } صفة مصدر محذوف، تقديره: أكلاً وشرباً هنيئاً.

{ بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } أي: بما قدمتم في الأيام الماضية من الأعمال الصالحة.

وعن مجاهد: أيام الصيام.

وفي كتاب الزهد للإمام أحمد من زيادات ابنه عبدالله بإسناده، عن يوسف بن يعقوب الحنفي قال: بلغنا أن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا أوليائي طال ما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت [شِفَاهُكُم] عن الأشربة، وقد غارت [عيونكم]، وخمَصَت بطونكم، فكونوا اليوم في نعيمكم، وكلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية.