الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } * { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } * { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } * { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } * { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ }

قوله تعالى: { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } عامة القرّاء قرؤوا: " نفخةٌ واحدةٌ " بالرفع، على ما لم يُسَمَّ فاعله.

وقرأ أبو [السَّمَّال]: " نفخةً " بالنصب، أقام الجار والمجرور مقام ما لم يُسَمَّ فاعله.

وحَسُنَ التذكير في " نفخ "؛ لوقوع الفصل، أو لأن التأنيث في " نفخة " ليس بحقيقي.

قال عطاء: هي النفخة الأولى؛ لأن عندها خراب هذا العالم.

وقال ابن السائب ومقاتل: هي النفخة الثانية؛ لقوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } [الحاقة: 18] عقيب ذكر النفخة.

ويجاب عن هذا بأن يقال: المراد بقوله: " يومئذ " الحين الواسع الذي يقع فيه [النفختان] والنشور والحساب، كما تقول: رأيته في عام كذا، أو في يوم كذا، وإنما كانت رؤيتك إياه في جزء منه.

{ وَحُمِلَتِ } وقرأتُ لابن عامر من رواية الوليد بن عتبة عنه: " وحُمِّلَتِ " بتشديد الميم.

والمعنى: وقُلعت جملة الأرض وجملة الجبال من أماكنها.

{ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } أي: كُسِرَتا كَسْرةً واحدة حتى تندقّ. وقد أشرنا إلى ذلك في قوله تعالى:جَعَلَهُ دَكّاً } [الأعراف: 143].

والمراد: أنها تصير أرضاً واحدة مستوية، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.

{ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } قامت القيامة، { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ } لنزول من فيها من الملائكة { فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } ضعيفة.

قال الفراء: وَهْيُها: تَشَقُّقُها.

وقال مقاتل: واهية من الخوف.

{ وَٱلْمَلَكُ } اسم جنس، يريد: الملائكة { عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } على جوانبها ونواحيها.

قال الزجاج: رجا كل شيء: ناحِيَتُهُ، مَقْصُورٌ، والتَّثْنِيَة: رَجَوان، والجمع: أرْجاء.

قال الضحاك: إذ انشقت السماء [كانت] الملائكة على حافاتها، حتى يأمرهم الله تعالى فينزلون، فيحيطون بالأرض وبمن عليها.

{ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ } أي: فوق رؤوس الحَمَلَة، أو فوق الذين على أرجائها، أو فوق أهل القيامة.

{ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } جاء في الحديث: " أنهم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أمدّهم الله [بأربعة] أملاك آخرين " وهذا قول جمهور المفسرين.

قال العباس بن عبد المطلب: ثمانية أملاك على صورة الأوعال.

وفي الحديث: " ما بين أظلافهم إلى رُكَبِهم ما بين سماء إلى سماء ".

وقال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة: ثمانية [صفوف] من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله تعالى.

وفي سنن أبي داود من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أذن الله لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل، من حملة العرش: أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ".

{ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } على الله للحساب { لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ }.

وقرأ حمزة والكسائي: " لا يخفى " بالياء.

والمعنى: لا يخفى منكم نفس خافية، أو فعلة خافية.

وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يُعرض الناس يوم القيامة ثلاث عَرَضَات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي، فآخذٌ بيمينه وآخذٌ بشماله ".