الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } * { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ }

قوله تعالى: { وَدُّواْ } أي: أحبّ رؤساء قريش { لَوْ تُدْهِنُ } تَلين وتُصانع.

قال أبو الحسن الأصبهاني: أي: أن لو تُدهن، فأضمر أنْ، و " لو " زائدة.

وقال الزمخشري: فإن قلت: لم رفع { فَيُدْهِنُونَ } ولم ينصب بإضمار " أن " وهو جواب التمني؟

قلتُ: قد عدل به إلى طريق آخر: وهو أن جُعل خبرَ مبتدأ محذوف، أي: فهم يُدهنون، كقوله:فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ } [الجن: 13]، على معنى: ودُّوا لو [تُدهن] فهم [يدهنون حينئذ. أو ودّوا إدهانك فهم الآن] يُدهنون؛ [لطمَعهم في إدهانك].

قال سيبويه: وزعم هارون أنها في بعض المصاحف: " وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُوا ".

قوله تعالى: { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } أي: كثير الحلف بالباطل { مَهِين } من المهانة، وهي القلّة والحقارة في الرأي [والتمييز].

قال ابن عباس ومقاتل: يريد: الوليد بن المغيرة، عَرَضَ على النبي صلى الله عليه وسلم المال ليرجع عن دينه.

وقال عطاء: الأخنس بن شريق.

وقال مجاهد: الأسود بن عبد يغوث.

{ هَمَّازٍ } عَيَّاب طَعَّان.

قال الحسن: يَلوي شدقيه في أقفية الناس.

{ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } يقال للكلام السيء المفسد بين الناس، وهو النمَّام والقتّات.

وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة قتّاتٌ ".

{ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } قال ابن عباس: مَنَعَ ولدَه وعشيرته الإسلامَ.

وقيل: " مناع للخير ": بخيل بالمال.

{ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } ظلوم فاجر، كثير الآثام.

{ عُتُلٍّ } غليظٍ جافٍ، من قولهم: عَتَلَهُ؛ إذا قاده بعُنفٍ وغلْظةٍ.

قال أبو عبيدة: هو الأَكُول الشَّرُوب القوي الشديد.

وقال الفراء: الشديد الخصومة بالباطل.

قال ابن عباس: العاتل: الشديد المنافق.

وقال عكرمة: الشديد في كفره.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم وأبو الحسن قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الداودي، أخبرنا السرخسي، أخبرنا الفربري، حدثنا البخاري، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن معبد بن خالد قال: سمعت حارثة بن وهب الخزاعي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف [متضعّف] لو أقسم على الله لأبرَّه، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عُتلٍ جَوّاظٍ مستكبر ".

{ بَعْدَ ذَلِكَ } أي: بعدما [عدَّ] له من المثالِب والنقائص، { زَنِيمٍ }.

قال ابن عباس في رواية عطاء: أي: دَعِيٍّ في قريش ليس منهم. وهذا قول أكثر المفسرين واللغويين، وأنشدوا:
زَنيمٌ تَدَاعَاهُ الرِّجَال زيادةً   كما زِيدَ في عَرْضِ الأديمِ الأكَارع
وقال آخر:
زَنيمٌ ليسَ يُعرفُ مَنْ أبوهُ   بَغِيُّ الأمِّ ذا حَسَبٍ لَئيم
وقال حسان:
وأنتَ زنيمٌ نِيطَ في آل هاشم   كما نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ
قال ابن قتيبة: لا نعلم أن الله وصف أحداً ولا بلغ من ذكر عُيوبه ما بلغه من ذكر الوليد بن المغيرة؛ [لأنه] وُصِفَ بالحلف والمهانة، والعيب للناس، والمشي بالنمائم، والبخل، والظلم، والإثم، والجفاء، والدِّعوة.

السابقالتالي
2 3