الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } * { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } * { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } * { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } * { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } * { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

اختلف القراء السبعة في إدغام النون في الواو من قوله: { نۤ }. والإدغام اختيار الزجاج، والإظهار اختيار الفراء.

قرأ ابن عباس: " نونِ " بكسر النون. وقرأ عيسى بن عمر: بفتحها، كما في صاد. وقد تقدّمت عِلَلُ ذلك في مواضعه.

وقرأ الحسن وأبو عمران وأبو نهيك: " نونُ " بالرفع.

قال الحسن وقتادة: هي الدواة.

وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أول ما خلق الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة ".

وقال مجاهد والسدي وابن السائب ومقاتل: الحوت الذي على ظهره الأرض.

وقيل: النون آخر حروف الرحمن. وهذه الأقوال عن ابن عباس.

وقال معاوية بن قرة: " نون ": لوح من نور. رواه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال عطاء: افتتاح اسم نصير وناصر.

وقال جعفر الصادق: نهر في الجنة. والله تعالى أعلم.

وقال صاحب الكشاف: المراد هذا الحرف من حروف المعجم. وأما قولهم: هو الدواة، فما أدري أهو وضع لغوي أو شرعي؟ ولا يخلو إذا كان اسماً للدواة من أن يكون جنساً أو عَلَماً، [فإن كان جنساً فأين الإعراب والتنوين. وإن كان علماً] فأين الإعراب؟ وأيهما كان فلا بد له من موقع في تأليف الكلام.

فإن قلت: هو مُقسمٌ [به] وجب أن يكون جنساً، ووجب أن [تجرّه وتنوّنه]، ويكون القسَم بدواة مُنَكَّرَةٍ مجهولة، كأنه قيل: ودواةٍ. وإن كان عَلَماً أن تصرفه وتجرّه، أو لا تصرفه وتفتحه للعَلَمية والتأنيث، وكذلك التفسير بالحوت واللوح والنهر في الجنة.

والمراد بالقلم: الذي يكتب به الذِّكر في اللوح المحفوظ.

قال ابن جريج: هو من نور، طوله ما بين السماء والأرض.

وقيل: القلم الذي يَكتُبُ به الناس، أقسم به؛ لأنه نعمة عظيمة، ومنّة جسيمة، ومنفعة شاملة.

قال ابن [هيثم]: من جلالة القلم أنه لم يُكتب لله كتاب إلا به، فلذلك أقسم الله به.

وقيل: الأقلام مطايا الفِطَن ورُسُل الكرام.

وقيل: البيان اثنان؛ بيان لسان وبيان بنان، ومن فضل بيان البنان أن ما تُثبته الأقلام باقٍ على الأيام، [وبيان اللسان تدرسه الأعوام]..

وقال بعض الحكماء: قِوام أمور الدين والدنيا بشيئين: القلم والسيف، والسيف تحت القلم، [وفيه] يقول ابن الرومي:
إنْ يَخْدُمِ القلمَ السيفُ الذي خضعتْ   له الرقابُ ودانتْ دُونه الأُمَم
فالموتُ، والموتُ لا شيءٌ يُغالِبُه   ما زالَ يتبعُ ما يجري به القَلَم
كذا قَضَى الله للأقْلامِ مُذْ بُرِيَتْ   أنَّ السيوفَ لها مُذْ أُرْهِفَتْ خَدَم
وقوله أيضاً:
في كَفِّهِ قلمٌ ناهيكَ من قَلَمٍ   نُبْلاً وناهيكَ منْ كَفٍّ به اتّشَحا
يَمْحُو ويُثبتُ أرزاقَ العبادِ به   فما المقاديرُ إلا ما وَحَا ومَحَا

السابقالتالي
2 3