الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } * { وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ } * { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } * { قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } * { وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ } وهي السُّرج، سُمّيت بها الكواكب؛ لإنارتها.

{ وَجَعَلْنَٰهَا } يعني: المصابيح { رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ } مسترقي السمع.

ومن تصفَّح كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، رأى انحصار خلق النجوم لثلاث حكم.

قال قتادة: خلق الله النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يُهتدى بها. فمن تأوّل فيها غير ذلك [فقد تكلّف] ما لا علم له به.

وقال محمد بن كعب: والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء نجم، ولكنهم يتّبعون الكهانة ويتخذون النجوم علّة.

{ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ } بعد الإحراق بالشهب { عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } ، و " الشهيق " مذكور في أواخر هود.

قال الزمخشري: الشهيق: إما لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها، [أو من] أنفسهم، كقوله:لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [هود: 106]، وإما للنار؛ تشبيهاً بحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق.

{ تَفُورُ } تغلي بهم غليان المِرْجَل بما فيه. وجعلت كالمغتاظة عليهم؛ لشدة غليانها بهم، ويقولون: فلان يتميَّز غيظاً ويتقصف غضباً، وغَضِبَ فطارت منه شقّة في الأرض وشقّة في السماء: إذا وصفوه بالإفراط فيه.

ويجوز أن يراد: غيظ الزبانية.

{ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } سؤال توبيخ وتقريع.

والنذير: بمعنى الإنذار، أي: أهل نذير، أو وصف [منذروهم] لغلوّهم في الإنذار كأنهم ليسوا إلا الإنذار، وكذلك { قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ }.

قوله تعالى: { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } من تمام ما أخبر به للكفار عن أنفسهم بما قالوه للنُّذُر، على معنى: إن أنتم إلا في ضلال عن الصواب.

ويجوز أن يكون من كلام الخَزَنة للكفار على إرادة القول، أرادوا حكاية ما كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا.

قال الزجاج: ثم اعترفوا بجهلهم فقالوا: { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ }.

قال ابن عباس: لو كنا نسمع الهدى أو نعقله فنعمل به { مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ }.

وقيل: إنما جمع بين السمع والعقل؛ لأن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل.

{ فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً } قال ابن عباس: فبُعْداً.

وقرأ الكسائي: " فسُحُقاً " بضم الحاء.