الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ }

ثم مثّل حال المؤمنين في أن وُصْلَةَ الكفار لا تضرُّهم فقال: { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ } أي: مثل امرأة فرعون، فحذف المضاف، وهو بدل من قوله: " مثلاً " ، [واسمها]: آسية بنت مزاحم عليها السلام، وهي من النساء الكوامل.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم وأبو الحسن قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو الحسن الداودي، أخبرنا أبو محمد السرخسي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كَمُلَ من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضْل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " وأخرجه مسلم أيضاً.

قال المفسرون: كانت قد آمنت بموسى عليه السلام.

قال أبو هريرة: ضَرَبَ فرعونُ لامرأته أوتاداً في يديها ورجليها، وكانوا إذا تفرّقوا عنها أظلّتها الملائكة فقالت: { رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ } ، فكشف الله عن بيتها في الجنة حتى رأته قبل موتها.

{ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ } قيل عمله: جِمَاعُه. وقيل: دينه. رويا عن ابن عباس.

{ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } أهل دينه.

قوله تعالى: { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ } عطف على " امرأة فرعون " ، بتقدير حذف المضاف، أي: ومثل مريم ابنة عمران { ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا }.

{ فَنَفَخْنَا فِيهِ } أي: في الفرج.

وقيل: في جيب درعها. وقد ذكرناه في سورة الأنبياء.

{ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا } التي أنزلها في الصحف.

وقيل: هي قول جبريل:أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ } [مريم: 19].

وقرأ جماعة، منهم: أبيّ بن كعب، وعاصم الجحدري: " بكلمة " على التوحيد، إشارة إلى عيسى عليه السلام.

وقرأت لأبان عن عاصم: " وصَدَقَت " بالتخفيف، وهي في معنى التشديد.

وقرأ أبو عمرو وحفص: " وكُتُبِه " على الجمع. وقرأ الباقون: " وكتابه " على إرادة الجمع، أو الإنجيل.

{ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ } أي: من القوم القانتين.

قال قتادة: من القوم المطيعين [لربهم].

وقال عطاء: من المُصَلِّين، كانت تصلي بين المغرب والعشاء. والله تعالى أعلم.