الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } * { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً }

قوله تعالى: { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ } " مِنْ " الأولى زائدة، أو للتبعيض، [ومُبَعَّضُها] محذوف، تقديره: أسكنوهن مكاناً من حيث سكنتم، أي: بعض مساكنكم.

والثانية عطف بيان لقوله: " من حيث سكنتم " ، كأنه قيل: أسكنوهن مكاناً من مسكنكم مما تطيقونه.

قرأ يعقوب في رواية روح: " من وِجْدِكُم " بكسر الواو، وضَمَّها الباقون من العشرة، وهي قراءة أبي هريرة وأبي رزين وأبي عبد الرحمن السلمي وقتادة. وفتحها ابن يعمر وابن أبي عبلة وأبو حيوة.

والوُجْد: الوُسع والطاقة.

قال الفراء: على ما يجد إن [كان] مُوسِعاً وَسَّعَ عليها في المسكن والنفقة، وإن كان فقيراً فعلى قدْر ذلك.

{ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ } يعني: وأنتم تجدون السعة.

قال القاضي أبو يعلى: المراد بها الرجعية دون المبتوتة، بدليل قوله:لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } [الطلاق: 1]، [وقوله] تعالى:فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } [الطلاق: 2]، فدلّ ذلك على أنه أراد الرجعية.

فصل

لا نعلم خلافاً بين أهل العلم أن المطلقة الرجعية تستحق النفقة والسكنى ما دامت في العدة. واختلفوا في المبتوتة، فقالت طائفة: لا نفقة لها ولا سكنى، إلا أن تكون حاملاً. روي ذلك عن ابن عباس، وهو قول الحسن وعطاء والشعبي، وأصح الروايتين عن الإمام أحمد، أخذاً بحديث فاطمة بنت قيس حين طلقها زوجها البتة، فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة.

وقالت طائفة: لها السكنى والنفقة. يروى ذلك عن عمر بن الخطاب وابن مسعود. وبه قال النخعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة.

وقالت طائفة: لها السكنى بكل حال، ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملاً. يحكى ذلك عن ابن المسيب، وبه قال الزهري ومالك والليث بن سعد والأوزاعي والشافعي، والرواية [الثانية] عن أحمد رضي الله عنه، واعتذروا عن حديث فاطمة بقول سعيد بن المسيب: فَتَنَتْ فاطمةُ الناس، كانت للسانها [ذرابة]، فاستطالت على أحمائها، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم.

قوله تعالى: { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } يعني: المطلقات ولداً منهن أو من غيرهن بعد انقطاع عصمة النكاح { فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } يعني: أجرة رضاعهن، { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } أي: ليأمر بعضكم بعضاً بالمعروف، ولا يشتطّ أحد على صاحبه، { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } في الأجرة ولم تتّفقوا على شيء { فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } خبر في معنى الأمر.

وقال بعض أهل المعاني: فيه طرَف من معاتبة الأم على المعاسرة.

وقوله: " له " أي: للأب، أي: سيجد الأب غير معاسرة ترضع له ولده إن عاسرته أمه.

{ لِيُنفِقْ } وفتح القاف: ابن السميفع، على معنى: شرعنا ذلك لينفق، { ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } أي: ضيّق.

السابقالتالي
2