قوله تعالى: { فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } قال ابن عباس: إن الله خلق بني آدم مؤمناً وكافراً، ثم يُعيدهم يوم القيامة كما خلقهم. قال الزجاج: جاء في التفسير: أن يحيى بن زكريا خُلق في بطن أمه مؤمناً، وخُلق فرعونُ في بطن أمه كافراً. قلتُ: وعلى هذا جاءت الأحاديث الصحيحة، وليس هذا موضع استقصائها: منها: " السعيدُ من سعد في بطن أمه، والشقيُّ من شقي في بطن أمه ". ومنها: " ثم يبعث الله إليه المَلَكُ فيؤمر بأربع كلمات، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ". ومنها: " الغلام الذي قتله الخضر ". وقيل: تمّ الكلام عند قوله: { خَلَقَكُمْ } ، ثم ابتدأ فقال: { فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } قال ابن عباس في رواية أبي الجوزاء: فمنكم كافر يؤمن، ومنكم مؤمن يكفر. [وقال] الزجاج: أحسن ما قيل فيه: هو الذي خلقكم فمنكم كافر بأن الله خلقه، وهو مذهب أهل الدهر والطبائع، ومنكم مؤمن بأن الله خلقه. وما بعده ظاهر أو مُفسَّر إلى قوله مخاطباً لأهل مكة: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ } والمراد: تهديدهم. { فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ } وهو العذاب في الدنيا { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة. { ذَلِكَ } إشارة إلى الوبال الذي ذاقوه في الدنيا والعذاب في الآخرة { بِأَنَّهُ } أي: بأن الشأن والحديث. وقولهم: { أبشر يهدوننا } [إنكار] أن يكون الرسول [بشراً]، كما أخبر الله عن كفار قريش وغيرهم من كفار الأمم الماضية. والبَشر: اسم جنس، معناه الجمع. { وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ } عن إيمانهم. وقد ذكرنا فيما مضى أن " زَعَم " كناية عن الكذب.