قوله تعالى: { هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ } سمَّى الإيمان وما في [حيّزه] تجارة؛ لما يتضمن من ربح [النَّجَاة]. { تُنجِيكُم } وقرأ ابن عامر: " تُنَجِّيكُم " بالتشديد، { مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }. ثم بيّن تلك التجارة فقال: { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } وهو خبر في معنى الأمر، ولذلك أجيب بقوله: { يَغْفِرْ لَكُمْ } ، ويدل عليه قراءة ابن مسعود: " آمنوا بالله ". قوله تعالى: { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا } قال الفراء: أي: وخصلة أخرى تحبونها في العاجل مع ثواب الآخرة. ثم فسّر الخصلة فقال: { نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } عاجل، وهو فتح مكة. وقال الحسن وعطاء: فتح فارس والروم. قوله تعالى: { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } عطف على " تؤمنون "؛ لأنه في معنى آمنوا. والمعنى: وبشر يا محمد المؤمنين بالنصر والتمكين في الدنيا، والجنة في الآخرة. قوله تعالى: { كُونُوۤاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ } قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: " أنصاراً " بالتنوين، " لله ". وقرأ الباقون: " أنصارَ الله " على الإضافة، وهو اختيار أبي عبيد؛ [لقوله] تعالى: { نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ }. والتشبيهُ في قوله: { كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ } محمولٌ على المعنى، تقديره: كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار عيسى، حين قال: من أنصاري إلى الله. وقد سبق ذكر الحواريين. { فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ } قال ابن عباس: يعني: في زمن عيسى عليه السلام. { فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بعيسى { عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ } مخالفي عيسى. وقال مقاتل: تمّ الكلام عند قوله: { وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ }. والمعنى: فأيدنا الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم على عدوهم. { فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ } غالبين عالين بمحمد صلى الله عليه وسلم على الأديان. قال إبراهيم النخعي: أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرةً بتصديق محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ أن عيسى كلمة الله وروحه. والله أعلم.