الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُوۤاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنَّصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ }

قوله تعالى: { هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ } سمَّى الإيمان وما في [حيّزه] تجارة؛ لما يتضمن من ربح [النَّجَاة].

{ تُنجِيكُم } وقرأ ابن عامر: " تُنَجِّيكُم " بالتشديد، { مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }.

ثم بيّن تلك التجارة فقال: { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } وهو خبر في معنى الأمر، ولذلك أجيب بقوله: { يَغْفِرْ لَكُمْ } ، ويدل عليه قراءة ابن مسعود: " آمنوا بالله ".

قوله تعالى: { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا } قال الفراء: أي: وخصلة أخرى تحبونها في العاجل مع ثواب الآخرة.

ثم فسّر الخصلة فقال: { نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } عاجل، وهو فتح مكة.

وقال الحسن وعطاء: فتح فارس والروم.

قوله تعالى: { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } عطف على " تؤمنون "؛ لأنه في معنى آمنوا.

والمعنى: وبشر يا محمد المؤمنين بالنصر والتمكين في الدنيا، والجنة في الآخرة.

قوله تعالى: { كُونُوۤاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ } قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: " أنصاراً " بالتنوين، " لله ". وقرأ الباقون: " أنصارَ الله " على الإضافة، وهو اختيار أبي عبيد؛ [لقوله] تعالى: { نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ }.

والتشبيهُ في قوله: { كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ } محمولٌ على المعنى، تقديره: كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار عيسى، حين قال: من أنصاري إلى الله.

وقد سبق ذكر الحواريين.

{ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ } قال ابن عباس: يعني: في زمن عيسى عليه السلام.

{ فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بعيسى { عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ } مخالفي عيسى.

وقال مقاتل: تمّ الكلام عند قوله: { وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ }.

والمعنى: فأيدنا الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم على عدوهم.

{ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ } غالبين عالين بمحمد صلى الله عليه وسلم على الأديان.

قال إبراهيم النخعي: أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرةً بتصديق محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ أن عيسى كلمة الله وروحه. والله أعلم.