الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } * { إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } * { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ }

قال الله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } ذهب عامة المفسرين إلى أنها نزلت في قصة حاطب بن أبي بلتعة، وكان من حديثه: أن سارة مولاة عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف أتت النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بعد بدر بسنتين، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسلمة جئت؟ قالت: لا، قال: أمهاجرة جئت؟ قالت: لا، قال: فما جاء بك؟ قالت: كبت الأصل والعشيرة والموالي، وقد ذهبت مواليّ واحتجت حاجة شديدة، فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني، قال لها: فأين أنت من شباب أهل مكة، وكانت مغنية، فقالت: ما طُلب مني شيء بعد وقعة بدر، فحثّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وبني المطلب، فكسوها وأعطوها نفقة، وحملوها.

فأتاها حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى فكتب معها كتاباً إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة، وفيه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم، فنزل جبريل وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بعد خروج سارة، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وعماراً والزبير وطلحة والمقداد وأبا مرثد في طلب الكتاب، فكان من القصة: ما أخبرنا به الشيخان الإمام أبو محمد عبدالله بن أحمد المقدسي قراءة عليه وأنا أسمع بجامع دمشق، وأبو بكر محمد بن سعيد بن الموفق الخازن النيسابوري بقراءتي عليه ببغداد، قالا: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي، أخبرنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان [الكرجي]، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أخبرنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد [بن] علي، عن عبيدالله بن أبي رافع قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: " بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والمقداد والزبير فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخٍ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخرجنا تتعادى بنا خيلنا، فإذا نحن بظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، [فقالت: ما معي كتاب، فقلنا لها: لتخرجنّ الكتاب]، أو لنلقينّ الثياب، فأخرجته من عِقَاصِها، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين بمكة، يُخبر ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا يا حاطب؟ [فقال]: لا تعجل عليَّ، فإني كنت امرءاً مُلْصَقاً في قريش، ولم أكن من أنفُسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها قراباتهم، ولم يكن لي بمكة قرابة، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يداً، والله ما فعلته شكاً في ديني، ولا أرضى بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه قد صدق. فقال عمر رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، ونزلت: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ... الآية } "

السابقالتالي
2 3 4