الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ } * { وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ } * { أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ }

قوله تعالى: { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ } إن قيل: على أي شيء عطف قوله: " ثم آتينا "؟

قلتُ: قال الزجاج: على معنى التلاوة، التقدير: قل تعالوا أَتْلُ ما حَرَّمَ ربكم عليكم ثم أَتْلُ عليكم ما آتاه الله موسى.

وقال الزمخشري: عطفه على " وصاكم ".

فإن قلت: كيف [صَحَّ] عطفه عليه بـ " ثم " وإيتاء موسى الكتاب قبل التوصية بدهر طويل؟

قلتُ: هذه التوصية قديمة، لم تزل [توصاها] كلّ أمة على لسان نبيها، كما قال ابن عباس: [محكمات] لم ينسخهن شيء من جميع الكتب، كأنه قيل: ذلكم وصاكم به يا بني آدم قديماً وحديثاً.

ثم أعظم من ذلك أنَّا آتينا موسى الكتاب [وأنزلنا هذا الكتاب] المبارك.

وقيل: هو معطوف على ما تقدم قبل شطر السورة من قوله:وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } [الأنعام: 84].

وقال غيره: تقديره: ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب، ومثله قول الشاعر:
قُلْ لِمَنْ سَادَ ثمّ سَادَ أَبُوهُ   ثم قَدْ سَادَ قَبْلَ ذلِكَ جَدُّه
قوله تعالى: { تَمَاماً } مفعول له، المعنى: آتيناه الكتاب لأجل التمام على الذي أحسنه من كتب الله وشرائع دينه، وعلوم أنبيائه.

وقيل: تماماً للنعمة والكرامة على ما أحسن في طاعتي وتبليغ رسالتي، فتكون الذي بمعنى " ما ".

وقيل: المعنى: آتيناه الكتاب تاماً جملة واحدة لم نفرق إنزاله، كالقرآن مضافاً إلى الذي أحسنه من العلم وزيادة عليه.

فعلى هذه [الأقوال] المشار إليه: موسى.

وقيل: المعنى: تماماً للنعمة والكرامة على من كان محسناً صالحاً، يريد: جنس المحسنين، وهو اختيار أبي عبيدة وكثير من المحققين.

ويؤيده قراءة عبد الله بن مسعود: " على الذي أحسنوا ".

وقال ابن زيد: تماماً على إحسان الله على أنبيائه.

وفيه تعسف.

وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وأبو رزين والحسن ويحيى بن يعمر: " أحسنُ " بالرفع، على معنى: هو أحسن، فحذف المبتدأ.

وقرأ ابن عمرو وأبو المتوكل: " أُحسِن " بضم الهمزة وكسر السين.

{ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } تبياناً لكل شيء يحتاج إليه من شرائع الدين.

قوله تعالى: { وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ } يعني: القرآن، ووصفه بالبركة لما يأتي من قِبَلِه من الخير الكثير، { فَٱتَّبِعُوهُ } اعملوا بما فيه، { وَٱتَّقُواْ } مخالفته، { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }.

قوله تعالى: { أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا } وهم اليهود والنصارى.

قال مقاتل: كان كفار مكة يقولون: قاتل الله اليهود والنصارى كيف كذبوا أنبيائهم، فوالله لو جاءنا نذير وكتاب لكنا أهدى منهم، فنزلت هذه الآية.

و " أَنْ " في محل النصب.

قال الكسائي والفراء: معناه: اتقوا أن تقولوا.

والذي عليه حذاق النحاة من البصريين وغيرهم: أنه مفعول لأجله، تقديره: أنزلناه كراهة أن تقولوا يا أهل مكة: إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا.

السابقالتالي
2 3