الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } هذه الآية تتضمن الإعلام أن التحليل والتحريم إنما يُتلقّى من جهة الوحي والتنزيل.

{ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً } قرأ ابن عامر وابن كثير وحمزة: " تكون " بالتاء، حملاً على المعنى، لأن المحرّم إما أن يكون عيناً، أو نفساً، أو جثة. وقرأ الباقون بالياء حملاً على اللفظ، لأن قوله: " لا أجد " يدل على نفي الوجود، والتقدير: إلا أن يكون الموجود ميتةً.

واتفقوا على نصب " ميتةً " ، إلا ابن عامر، فإنه رفع. وقد أشرنا إلى تعليل القراءتين آنفاً.

{ أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً } يعني: مصبوباً.

{ أَوْ فِسْقاً } سمى سبحانه ما ذُبح باسم آلهتهم فسقاً؛ لتوغّله في الفسق الذي هو الخروج عن الطاعة.

وقوله: { أُهِلَّ } صفة منصوبة المحل. وما لم أذكره هاهنا فقد سبق ذكره فيما مضى.

فصل

ذهب قوم من المفسِّرين إلى أن هذه الآية منسوخة بآية المائدة المشتملة على تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكلّ السبع، وبالأحاديث التي وردت في تحريم الحُمر الأهلية وكلِّ ذي ناب من السباع، ومِخْلَب من الطير. وهو مذهبٌ بعيدٌ من التحقيق والصواب، لأن المنخنقة وما بعدها من جملة الميتة، وأخبار الآحاد لا تَنْسَخُ القرآن، وإنما المعنى: لا أجد فيما أوحي إليّ من القرآن، أو لا أجد فيما أوحي إليّ من القرآن وغيره محرّماً، إلا أن يكون ميتة.

وليس في هذا دلالة على إباحة ما عدا المحرمات في الآية، وإنما الآية اقتضت أمره بإخبار الكفار أنه لم يجد مُحرّماً سوى ما عيّن في الآية، ثم بعد ذلك حرّم عليه ما حرّم من المطاعم.

أو يكون المعنى: لا أجد شيئاً محرّماً من المطاعم التي حرّمتموها، فيكون الاستثناء منقطعاً؛ لأنهم كانوا يستحلون الميتة والدم.