الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ } * { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ }

قوله تعالى: { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ } بدلاً من " حمولةً وفرشاً " ، أي: وأنشأ ثمانية أزواج، أو بدل مما بعد " كلوا " فإنه في موضع نصب، والأول أوجه.

والزوج: كل فرد معه آخر من جنسه.

ثم فسّر الأزواج فقال: { مِّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } أي: زوجين اثنين؛ يريد: الذكر والأنثى. والضأن: ذوات الصوف من الغنم. والمَعْز: ذوات الشعر منها.

قال الزجاج: والضَّأْنُ: جمع ضَائِن [وضأْن]، مثل: تَاجِر وتَجْر.

قرأ أبو عمرو وابن عامر وابن كثير: " المعَز " بفتح العين، وسكّنها الباقون. وهو جمع ماعز؛ كحَارِس وحَرَس، وتَاجِر وتَجَر أيضاً.

{ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ } من الضأن والمعز، { حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ } المعنى: فإن كان حرّم الذكرين فكلّ الذكور حرام، وإن كان حرّم الأنثيين فكلّ الإناث حرام، وإن كان حرّم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين من الضأن والمعز من الأجنة، فهي إما ذكور وإما إناث.

أو يقال: إن كان حرّم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين فقد حرّم الأولاد، وكلها أولاد، فيكون التحريم شاملاً للكل.

قال الزجاج: وكذلك الاحتجاج في قوله: { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ }.

قل لهم يا محمد على وجه التبكيت لهم عند ظهور الحُجّة عليهم، ووضوح كون ما اختلقوه فرية بلا مرية: { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ } أي: خبروني بعلم من جهة الله تعالى يدلُّ على تحريم مَا حرمتم { إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ } في إضافة التحريم إليه.

ومضمون هذه الآية والتي بعدها: إبطال ما كانوا عليه من أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، وإبطال قولهم:مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا... الآية } [الأنعام: 39].

قال الزجاج: فأما الإعراب في " آلذكرين " فالنصب بـ " حَرَّمَ " ، وتَثْبُتُ ألف المعرفة مع ألف الاستفهام؛ لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، لأنه لو قيل: " أَلذكرين حَرَّمَ " بألف واحدة، لالتبس الاستفهام بالخبر، وقد يجوز مع " أم " حذف الألف، لأن " أم " تدل على الاستفهام، ولكن القراءة بتبيين الألف الثانية.

قوله تعالى: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا } قال الزجاج: معناه: هل شاهدتم الله حرّم هذا؛ إذ كنتم لا تؤمنون برسول.

ثم بيّن الله تعالى ظلمهم فقال: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ }.

قال ابن عباس: يريد: عمرو بن لُحَي الذي سَيَّبَ السوائب ومن جاء بعده.