الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ }

قوله تعالى: { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } أي: ما جعله فَيْئاً له { مِنْهُمْ } أي: من بني النضير { فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } قال أبو عبيدة: الإيجاف: الإيضاع، والرِّكاب: الإبل.

قال ابن قتيبة وغيره: يقال: وَجَفَ الفرسُ والبعيرُ يَجِفُ وَجِيفاً: إذا أسْرَعَ في السَّيْر، وأوْجَفَه صاحبه، ومثله: الإيضاع.

قال الزجاج: معنى الآية: أنه لا شيء لكم في هذا، إنما هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال المفسرون: [طلب] المسلمون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخمّس أموال بني النضير كما فَعَلَ بغنائم بدر، فأنزل الله تعالى هذه الآية، يبين أنها فيء لم يوجفوا عليها خيلاً ولا ركاباً.

{ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } فهو الذي سلط محمداً صلى الله عليه وسلم على بني النضير.

فلما خصّ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بأموال بني النضير وجعل الأمر له قَسَمَهَا في المهاجرين لموضع حاجتهم، ولم يُعط أحداً من الأنصار شيئاً سوى ثلاثة كانت بهم حاجة، وهم: أبو دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصمّة.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم السلمي وأبو الحسن علي بن أبي بكر، قالا: أخبرنا عبدالأول بن عيسى، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عبدالله بن أحمد، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا سفيان -غير مرة-، عن عمرو، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر رضي الله عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، يُنفق على أهله منها نفقة [سنته]، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع.

قال المفسرون: ثم ذكر الله تعالى حكم الفيء، فذلك قوله تعالى: { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ } يَحْكُمُ فيه بما يريد، ولرسوله بتمليك الله [إياه، فأربعة أخماس الفيء للرسول، والخُمس الآخر للمذكورين في الآية.

واختلفوا فيما يصنع به بعد موته؛ وقد ذكرناه في الأنفال. وهذا قول جماعة من الفقهاء والمفسرين.

قال الزمخشري: لم يدخل العاطف على هذه الجملة؛ لأنها بيانٌ للأولى، فهي منها غير أجنبية عنها. بيّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصنع بما أفاء الله عليه، وأمره أن يَضَعَهُ حيث يَضَعُ الخمُس من الغنائم مقسوماً على الأقسام الخمسة.

فصل

اعلم أن الفيء: ما أُخذ من أموال المشركين بغير قتال؛ كالجزية والخراج والعُشُور المأخوذة من تجارهم، وما بذلوه في الهدنة أو صالحوا عليه ونحو ذلك؛ فذكر الخرقي رحمه الله: أنه يُخَمَّس، فيُصرف خُمُسُه إلى من يُصرف إليه خُمُسُ الغنيمة لهذه الآية، وهذا مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد.

السابقالتالي
2 3