الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } * { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ }

قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } وهم المنافقون كانوا يتولون اليهود وينقلون إليهم أسرار المؤمنين.

{ مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ } يعني: المنافقين ليسوا من المؤمنين في الدين والولاية، ولا من اليهود.

{ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ } قال السدي ومقاتل: نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق، وكان رجلاً أزرق، يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرفع حديثه إلى اليهود.

وفي صحيح الحاكم من حديث ابن عباس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ظل حُجْرة من حُجَره، وعنده نفر من المسلمين، فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا أتاكم فلا تكلموه، فجاء رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علام تشتمني أنت وفلان وفلان؟ فانطلق الرجل فدعاهم فحلفوا بالله واعتذروا إليه، فأنزل الله تعالى: { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ... } الآية ".

والواو في قوله: { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } واو الحال، وهو أبلغ في ذمهم واجترائهم على الله حيث حلفوا، عالمين بكذب أنفسهم.

قوله تعالى: { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } أي: سُتْرة يستترون بها من القتل.

وقرئ شاذاً: " إِيمانهم " بكسر الهمزة.

{ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال السدي: صدوا الناس عن دين الإسلام.

يريد: أنهم في حال أمنهم كانوا يُثبّطون من لقوا عن الدخول في الإسلام، ويُوهِنُون شأنه في قلوبهم.

وقيل: المعنى: وصَدوا المؤمنين عن جهادهم وأخذ أموالهم بما أظهروه لهم من الإيمان.

وما بعده مفسر إلى قوله تعالى: { فَيَحْلِفُونَ لَهُ } قال قتادة ومقاتل: يحلفون لله في الآخرة أنهم كانوا مؤمنين، كما حلفوا لأوليائه في الدنيا.

{ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ } من النفع، { أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } المتوغّلون في الكذب، المفرطون فيه، حيث كذبوا وحلفوا لله الذي يعلم السر وأخفى أنهم كانوا مؤمنين.

قوله تعالى: { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ } استولى وغلب عليهم.

قال المبرد: استحوذ على الشيء: حواه وأحاط به.

قال غيره: ومنه قول عائشة رضي الله عنها في وصف عمر بن الخطاب: كان أحوذياً، نسيج وحده، قد أعد للأمور أقرانها.

تصفه بالقوة والإحاطة بأسباب السياسة وحسن الرعاية والحفظ.

وقد ذكرتُ اشتقاق الاستحواذ في سورة النساء.