والآية التي بعد هذه مُفسّرة في الأعراف وسبأ إلى قوله: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ } أي: هو معكم بالعلم والقدرة أينما كنتم، من أرض وسماء، وبَرٍّ وماء. قال قتادة: ذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في أصحابه إذ أتى عليهم سحاب، فقال: هل تدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا العنان، هذا زوايا الأرض يسوقه الله تعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه. ثم قال: هل [تدرون] ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فذكر السموات السبع والعرش والأرضين السبع، وأن بين كل جرمين مسيرة خمسمائة عام. ثم قال: والذي نفسي بيده لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله، ثم قرأ هذه الآية:{ هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [الحديد: 3]. ومعنى: " لهبط على الله ": [أي]: على علمه [وقدرته] وخلقه وملكه. وما بعده مُفسّر إلى قوله تعالى: { وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } أي: مما جعلكم خلفاء في التصرف فيه؛ لأن الأموال خلقٌ لله عز وجل، أباح لهم الانتفاع بها، وخوّلهم الاستمتاع بمنافعها، وليسوا بأربابها المالكين لها على الحقيقة. وقال الحسن: جعلكم مستخلفين فيه ممن كان قبلكم؛ بتوريثه إياكم. قوله تعالى: { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } المعنى: أيُّ عذر لكم في ترك الإيمان. والواو في قوله: { وَٱلرَّسُولُ } واو الحال، على معنى: ما لكم لا تؤمنون والرسول يدعوكم [بالبراهين] النيرة، ويبين لكم الحق من الباطل. { لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ } حين أخرجكم من ظهر آدم. وقيل: بما ركَّب فيكم من العقول، وأوضح لكم من الدلائل، فما عذركم بعد ذلك. وقرأ أبو عمرو ويعقوب في رواية أبي حاتم عنه: " أُخِذَ " بضم الهمزة وكسر الخاء، " مِيثَاقُكُم " بالرفع. { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } بالحجج والدلائل.