الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

وما بعده مُفسّر إلى قوله: { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } معناه: وأيُّ عذر لكم في ترك الإنفاق في سبيل الله، والله مهلك من في السموت والأرض ووارثهم، فجدير بمن هذه حاله أن لا يبخل بإنفاق ما يتقرب به إلى الله تعالى مما سينتقل عنه ويُسلب منه.

ثم بيَّن التفاوتَ بين المُنْفِقِينَ منهم فقال: { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ } أي: من قبل فتح مكة، وعزّ الإسلام، واستفحال سلطانه، وقوة أهله.

وقال الشعبي: من قبل الحديبية.

المعنى: ومن أنفق من بعد الفتح وقاتل، فحذف لوضوح معناه.

قال ابن السائب وجمهور المفسرين: نزلت في أبي بكر رضي الله عنه. ويؤيد هذا: أن أبا بكر أول من أسلم وأنفق في سبيل الله، وأول من قاتل على الإسلام.

قال ابن مسعود: أول من أظهر إسلامه بسيفه النبي صلى الله عليه وسلم، [وأبو بكر] رضي الله عنه.

وقال ابن [عمر]: بينا النبي صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر الصديق رضي الله عنه، عليه عباءة قد خَلَّهَا على صدره بخِلال، إذ نزل جبريل عليه السلام عليه، وأقرأه من الله عز وجل السلام وقال: يا محمد! ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها على صدره بخلال؟ قال: يا جبريل! أنفق ماله عليّ قبل الفتح. قال: [فَأَقْرِهِ] من الله تبارك وتعالى السلام وقل: يقول لك ربك: أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر! هذا جبريل يقرئك من الله عز وجل السلام ويقول لك ربك: أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ قال: فبكى أبو بكر وقال: على ربي أسخط؟ أنا عن ربي راض، أنا عن ربي راض.

وفي قوله: { أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ } دليل على أن أبا بكر أفضل بني آدم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد الطوسي في كتابه، قال: أخبرنا العباس بن محمد بن العباس، المعروف بعبَّاسة، أخبرنا محمد بن سعيد بن فرخزادا، أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي، أخبرنا عبدالله بن حامد الفقيه، أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن يونس، حدثنا عقبة بن سنان أبو بشر، حدثنا [ابن] شداخ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبدالله بن سِلمة، عن علي عليه السلام قال: سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلَّى أبو بكر، وثلّث عمر، فلا أوتى برجل فَضَّلَني على أبي بكر إلا جلدته جلد المفتري.

قرأ ابن عامر: " وَكُلٌّ " بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب.

السابقالتالي
2