الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ } * { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ } * { وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

ثم إن الله سبحانه وتعالى ذكر طبقات المحتضرين فقال: { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } أي: إن كان الذي بلغت روحه الحلقوم من المقربين عند الله.

وقال أبو العالية: من السابقين.

قال بعضهم: من السابقين من الأزواج الثلاثة المذكورة في أول السورة.

{ فَرَوْحٌ } أي: فله رَوْح، أي: استراحة من كل هَمٍّ وغَمٍّ وتَعَبٍ ونَصَب، وذلك بما أفضى إليه من كرامة الله عز وجل، المُعَدَّة لأوليائه في الجنة.

وقرأت للكسائي من رواية ابن أبي سريج عنه، وليعقوب من رواية رويس عنه: " فَرُوحٌ " بضم الراء. وهي قراءة أبي بكر الصديق، وعائشة، وأبي رزين، والحسن، وقتادة، في آخرين.

قالت عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: { فَرُوحٌ وَرَيْحَانٌ } بضم الراء.

قال الحسن: الرَّوْح: الرحمة؛ لأنها كالحياة للمرحوم.

وقيل: المعنى: فله البقاء الدائم.

وقد ذكرنا في سورة الرحمن أن الريحان: الرزق.

وقال الحسن وأبو العالية: يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه، ثم تقبض فيه روحه.

قال أبو عمران الجوني: بلغنا أن المؤمن إذا قبض روحه تُلُقِّيَ بضبائر الريحان من الجنة فتجعل روحه فيه.

قوله تعالى: { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } أي: أنك ترى فيهم ما تُحب من السلامة فلا تهتمّ لهم.

وقال مقاتل: هو أن الله يتجاوز عن سيئاتهم ويتقبل حسناتهم.

وقال عطاء: تُسَلِّمُ عليه الملائكة وتخبره أنه من أصحاب اليمين.

وقيل: المعنى: فسلام عليك يا محمد من أصحاب اليمين، أي: أنهم يسلمون عليك في الجنة؛ كقوله:إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [الواقعة: 26].

قوله تعالى: { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ } وهم أصحاب المشأمة.

{ فَنُزُلٌ } أي: فلهم نُزُل { مِّنْ حَمِيمٍ } ، وهو مثل قوله:هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ } [الواقعة: 56].

قوله تعالى: { إِنَّ هَـٰذَا } إشارة إلى ما تقدم ذكره في هذه السورة، من تنوع أحوال المحتضرين وغيره { لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } من باب إضافة الشيء إلى نفسه؛ كصلاة الأولى. وأنشدوا:
ولوْ أقْوَتْ عليكَ ديارُ عَبْسٍ    عَرَفْتَ الذُلَّ عِرْفانَ اليقين
وقد استوفينا القول في مثل هذا في مواضع، [وذكرنا] فيه مذهب البصريين والكوفيين.

{ فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } مفسر في هذه السورة.

وفي حديث عقبة بن عامر الجهني قال: " لما نزلت: { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، ولما نزلت: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } [الأعلى: 1] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في سجودكم ".

قُرئ على الشيخ أبي المجد محمد بن محمد بن أبي بكر الهمذاني وأنا أسمع، أخبركم الشيخان أبو المحاسن عبدالرزاق بن إسماعيل بن محمد، وابن عمه المطهّر بن عبدالكريم قالا: أخبرنا أبو محمد عبدالرحمن بن حمد بن الحسن الدوني، أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الكسار، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا إسحاق بن [أبي] إسرائيل، حدثنا محمد بن منيب العدني، حدثنا السري بن يحيى الشيباني، عن أبي شجاع، عن أبي ظبية، أن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تُصبه فاقةٌ أبداً. قال: وقد أمرتُ بناتي أن يقرأنها كل ليلة " والله تعالى أعلم.