الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } * { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } * { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } * { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } * { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

قوله تعالى: { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } أي: فهلاّ إذا بلغت الروح الحلقوم. وترك ذكرها لدلالة الكلام عليها، كما قال:
أمَاويُّ ما يُغني الثَّرَاءُ عَنِ الفتى    إذا حَشْرَجَتْ يوماً وضَاقَ بها الصدرُ
{ وَأَنتُمْ } يا أهل الميت { حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } تشاهدون أحب الناس إليكم وأعزهم عليكم يُسْتَلَبُ منكم.

{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ } أي: إلى المحتَضر { مِنكُمْ } يا أهله بقدرتنا وعلمنا، أو بملك الموت وأعوانه، { وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ }.

قال ابن عباس: لا تبصرون الملائكة.

وقيل: لا تعلمون. [على] أن الخطاب فيه للكفار.

قوله تعالى: { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } هذا الكلام مُلتفٌ بالذي قبله، وترتيبه: فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إذا بلغت الحلقوم، وكرر [لولا] لطول الكلام.

وقال الفراء: { تَرْجِعُونَهَآ } جواب لقوله: { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } ، وقوله: { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } فإنهما أجيبا بجواب واحد، كقوله:فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 38].

قال ابن عباس في قوله: " غير مدينين ": غير محاسبين.

وقال قتادة: غير مبعوثين.

وقال أبو عبيدة: غير مَجْزِيِّين.

وقال ميمون بن مهران: غير مقهورين.

وقال الفراء: غير مملوكين.

[ووجه] ارتباط الكلام وانتظامه: إن كنتم كما تزعمون غير محكوم عليكم وغير مقهورين وكنتم صادقين في أنه ليس لكم إله يبعثكم ويحاسبكم ويجزيكم على أعمالكم، فهلاّ تردون نفس المحبوب إليكم، العزيز عليكم.

المعنى: فإذا لم تقدروا على ذلك [فاعلموا] أن لكم إلهاً قادراً ورباً عظيماً يفعل ذلك.