الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } * { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } * { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }

قوله تعالى: { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } قال الزجاج وأكثر المفسرين واللغويين: معناه: فأقسم بمواقع النجوم، فـ " لا " مزيدة مؤكدة، كقوله:لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ } [الحديد: 29].

وقيل: إن " لا " على أصلها، فهي ناهية، بمعنى: لا تكفروا ولا تجحدوا ما ذكرت من نعمي، ولا تنكروا قدرتي، أو نافية لما يقوله الكفار في القرآن.

وقرأ الحسن: " فَلأُقْسِمُ " على معنى: فلأنا أقسم.

قال مجاهد: " مواقع النجوم ": مطالعها ومساقطها.

وقال الحسن: انتثارها وانكدارها يوم القيامة.

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أنها نجوم القرآن؛ لأنه كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوماً شيئاً بعد شيء.

قال الزجاج: ودليل هذا القول: { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ }.

وقرأ حمزة والكسائي: " بمَوْقِعِ " على التوحيد وإرادة الجنس.

وقال المبرد: هو مصدر، يصلح للواحد والجمع.

ثم استعظم سبحانه وتعالى القَسَم بمواقع النجوم تفخيماً لشأنه، وتنبيهاً على عظيم قدرته فيه وحكمته فقال: { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ }. وهاهنا اعتراضان:

أحدهما: بين القَسَم والمُقْسَم عليه، وهو قوله: { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ... } إلى آخر الآية.

الثاني: بين الموصوف وصفته، وهو قوله: { لَّوْ تَعْلَمُونَ }.

{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } على الله، عظيم النفع للناس؛ لما اشتمل عليه من الأحكام والحكم.

{ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } قال ابن عباس: هو اللوح المحفوظ. فالمعنى بكونه مكنوناً على هذا القول: صيانته عن غير الملائكة المقربين الذين أذن الله لهم في الأخذ منه والنظر فيه.

وقال مجاهد وقتادة: هو المصحف.

فالمعنى على هذا القول بكونه مكنوناً: صيانته عن الباطل، وحفظه عنه.

وقال عكرمة: المراد بالكتاب: التوراة والإنجيل.

وقال السدي: الزبور. على معنى: أنّ ذِكْر القرآن ومن ينزل عليه القرآن في الكتب المتقدمة.

قوله تعالى: { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } الضمير يعود إلى " الكتاب ".

فإن قلنا: هو اللوح المحفوظ؛ فالمطهرون: الملائكة.

وإن قلنا: هو المصحف أو غيره من الكتب المنزلة: فيكون النفي في معنى النهي، على معنى: لا ينبغي أن يمسه إلا المطهرون من الأحداث. وهذا قول قتادة.

ويؤيده ما أخرج مالك في الموطأ: أن في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: " أن لا يمس القرآن إلا طاهر ".

وقال ابن السائب: المطهرون من الشرك.

وقال الربيع بن أنس: المطهرون من الذنوب والخطايا.

وقيل: إن هذا إخبارٌ من الله تعالى بأنه لا يجد طعم القرآن ونفعه إلا من آمن به. حكاه الفراء.

قوله تعالى: { تَنزِيلٌ } صفة رابعة " للقرآن " ، أو خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هو تنزيل { مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.

السابقالتالي
2