الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ }

قوله تعالى: { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ } أي: نحن قدَّرنا هيئتكم وأوجدناكم، { فَلَوْلاَ } أي: فهلاّ { تُصَدِّقُونَ } بالبعث وتعتبرون إحدى النشأتين بالأخرى، أو فهلاّ تصدقون بالحق تصديقاً لا مناقضة فيه، فإن الإقرار بالخلق الأول مع إنكار الخلق الثاني متناقضان.

{ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } وقرأ أبو [السَّمَّال]: " تَمْنُون " بفتح التاء.

وقد ذكرنا أنهما لغتان، أمْنَى ومَنَى.

والمعنى: أخبروني ما تلقونه في أرحام النساء { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ }.

قرأتُ على أبي المجد القزويني، أخبركم الإمام أبو منصور محمد بن أسعد العطاري فأقر به قال: سمعت الإمام أبا محمد الحسين بن مسعود البغوي يقول: روي عن علي رضي الله عنه: أنه قرأ في الصلاة بالليل: { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ * ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } قال: بل أنت يا رب ثلاثاً، وكذلك في قوله:أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } [الواقعة: 64]،أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } [الواقعة: 69].

{ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ } وقرأ ابن كثير: " قَدَرْنا " بالتخفيف، وهما لغتان بمعنى واحد.

قال الضحاك: سوينا بينكم فيه. فيكون التقدير بمعنى: القضاء.

وقال مقاتل: المعنى: منكم من يموت كبيراً، ومنكم من يموت صغيراً وشاباً وشيخاً.

{ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } أي: بمغلوبين.

{ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ } قال الزجاج: المعنى: إن أردنا أن نخلق خلقاً غيركم لم يسبقنا سابق ولا يفوتنا ذلك.

{ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } من الصور.

قال مجاهد: نخلقكم في أيّ خلق شئنا.

فمعنى الآية: وما نحن بمسبوقين على أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم، وعلى أن ننشئكم في خلق لا تعلمونه.

وقيل: تقديره: على أن نبدلكم بأمثالكم، فحذف المفعول الأول، والجارّ من المفعول الثاني.

وقيل: الأمثال: جمع مثل، بمعنى الصفة، أي: نبدّل صفاتكم وأخلاقكم وننشئكم في صفات لا تعلمونها.

{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ } أقرّيتم بها واعترفتم بصحّة كونها، { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } فتستدلوا بالنظير على النظير.