الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ }

قوله تعالى: { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } هم أصحاب الميمنة.

{ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } قال عكرمة: لا شَوْك فيه.

قال ابن قتيبة: كأنه خُضِدَ شوكه، أي: قُطِع، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة: ((لا يُخْضَدُ شوكها)).

وقال مجاهد والضحاك: " مخضود ": [موقر]، وهو الذي تَنْثَنِي أغصانه لكثرة حمله، من قولهم: خَضَدَ الغصن؛ إذا ثناه وهو رَطْب. والقولان عن ابن عباس.

قوله تعالى: { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } الطَّلْحُ: شجر الموز، في قول علي، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، والحسن، وعطاء، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة، وجمهور المفسرين.

وقال أبو عبيدة وغيره من أهل اللغة: الطَّلْحُ عند العرب: شجرٌ عِظَامٌ، كثير الشوك. [وهو شجر] أم غَيْلان. قال الحادي:
بَشَّرَها دَلِيلُهَا وقالا    غداً تَرَيْنَ الطلحَ والحبالا
فإن قيل: ما الفائدة فيه حتى جُعل من شجر الجنة؟

قلتُ: كثرة نوره، وطيب ريحه، وامتداد ظله، وما بين شجر الدنيا وشجر الجنة اشتراك إلا في الأسماء، وإلا [فلتلك] ثمار ونُوَّار لا يعلمه أهل الدنيا.

وروى محمد بن جرير بإسناد له قال: قرأ رجل عند علي عليه السلام: { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } قال علي: ما شأن الطلح، إنما هو: [ " وطلعٍ] منضود " ، ثم قرأ:طَلْعُهَا هَضِيمٌ } [الشعراء: 148] فقيل له: إنها في المصحف بالحاء، أفلا نحوّلها؟ فقال: إن القرآن لا يُهَاجُ اليوم.

ويروى: أن علياً عليه السلام كان يقرأ: " وطَلْعٍ منضود " [بالعين]. والله أعلم بصحة ذلك عنه.

والذي أطبقت عليه الأمة واختارته الأئمة ما نُقل على لسان التواتر، ونَطق به الإمام الذي [أجمعت] عليه الصحابة فمن بعدهم: مصحف عثمان رضي الله عنه.

والمنضُود: المُتَراكم الذي ينضد بالحمل من أوله إلى آخره.

قال مسروق: أشجار الجنة من عروقها إلى أفنانها ثمر كله.

قوله تعالى: { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } أي: دائم لا تنسخه الشمس.

قال الربيع: يعني: ظل العرش.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم بن عبدالله بن عبدالصمد العطار، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبدالله الصوفي قالا: أخبرنا عبدالأول بن عيسى، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عبدالله بن أحمد، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، واقرؤوا إن شئتم: { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } " هذا حديث متفق على صحته، أخرجاه من طرق، ورواه جماعة من الصحابة منهم: سهل بن سعد، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وغيرهم.

قوله تعالى: { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } أي: دائم الجرية لا ينقطع.

{ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لاَّ مَقْطُوعَةٍ } في [بعض] الأحايين كثمار الدنيا، { وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } من [متناولها] بوجه من الوجوه.

السابقالتالي
2