قوله تعالى: { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } أي: ولمن خشي وقوفه بين يدي ربه للحساب، يوم يقوم الناس لرب العالمين؛ بُستانان. المعنى: ولمن خاف مقام ربه بالحفظ والمراقبة، كقوله:{ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد: 33]. قال مجاهد: هو الذي يهمُّ بالمعصية فيذكر الله فَيَدَعُها. ثم وصف الجنتين فقال: { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } [يجوز] أن يكون جمع فَنَن، وهو الغصن المستقيم طولاً، ويجوز أن يكون جمع فَنّ، وهو الضَّرْب. فإن أريد الأول -وهو قول مجاهد، والضحاك، وعكرمة، وعطية العوفي، وابن السائب، والفراء، والزجاج- كان المعنى: ذواتا أغصان مُتشعِّبَة مُثمرة مُورقة، لتمتدّ ظلالها وتكثر ثمارها. وإن أريد الثاني - وهو قول سعيد بن جبير- كان المعنى: ذواتا ضُروب وأصناف من النعم [المُسْتَلَذَّة] المُشْتَهاة، ومنه قول الشاعر:
ومِنْ كُلِّ أَفْنَانِ اللذَاذَةِ والصِّبَا
لَهَوْتُ به والعيشُ أخضرُ نَاضِرُ
قوله تعالى: { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } قال الحسن: تجريان بالماء الزلال، إحداهما: التَّسْنيم، والأخرى: السلسبيل. وقال عطية: إحداهما من ماء غير آسن، والأخرى من خمر لذة للشاربين. قال أبو بكر الورّاق: فيهما عينان تجريان لمن كان له في الدنيا عينان تجريان بالبكاء. قوله تعالى: { فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } أي: صِنْفَان، قيل: صِنْفٌ معروف، وصِنْفٌ غريب. قال ابن عباس: ما في الدنيا ثمرة حُلْوة ولا مُرّة إلا وهي في الجنة، حتى الحَنْظَل.