الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } * { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قوله تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } أي: جميعُ مَنْ على الأرض هالك.

وقد تقدم ذكرها في قوله:وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا } [الرحمن: 10].

{ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } مثل قوله:كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [القصص: 88].

{ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } قال الخطابي: الجلال: مصدر الجليل، [يقال]: جليل بين الجلالة والجلال.

[والإكرام]: مصدر أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْراماً.

والمعنى: أنه يستحق أن يُجَلَّ ويُكْرَمَ؛ لعزَّته وعظمته، أو لأنه يُجِلُّ أولياءه ويُكرمهم برفع الدرجات في الجنات.

وهاتان الصفتان من أعظم صفات الله عز وجل. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم [أمته] أن يضرعوا إلى الله ويسألوه بهما على وجه الملازمة والإلحاح، فقال صلى الله عليه وسلم: " ألِظُّوا بياذا الجلال والإكرام ".

فإن قيل: أي نعمة في قوله: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } حتى عقبه بقوله: { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }؟

قلتُ: هو نعمة لأولياء الله؛ حيث أفضى بهم إلى السعادة الأبدية والنعمة العظمى.

وجميع ما يأتيك في هذه السورة؛ فهو إما تحديث [بنعمة]، أو تحذير من نقمة، أو إعلام بقدرة باهرة، أو عظمة ظاهرة، وجميع ذلك نِعَمٌ. فإن شخصاً لو جاءك منقذاً لك من هَلَكَةٍ كنتَ غافلاً عنها لرأيتها له نعمة جسيمة ومنّة عظيمة.

قوله تعالى: { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: يطلبون منه أنواع الحاجات؛ لِغِنَاهُ وفقرهم إليه.

{ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } أي: كل وقت وزمان هو في شأن من شؤون المُلْك، يُعِزُّ ويُذِلُّ، ويُغْني ويُفْقِر، ويُحيي ويُميت، ويُسْعِدُ ويُشْقِي، ويُمْرِض ويَشْفِي، إلى غير ذلك من تدبير ملكوت السموات والأرض، مما لا يُحيط به علماً سواه.

قرأتُ على أبي القاسم بن أبي منصور الموصلي، أخبركم أبو القاسم يحيى بن أسعد، أخبرنا أبو العز بن كادش، أخبرنا أبو علي الجازري، أخبرنا المعافى بن زكريا، حدثنا الحسن بن الحسين بن عبدالرحمن الأنطاكي، حدثنا محمد بن الحسن -يعني: أبا الحارث- الرملي، حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي، حدثنا الوزير بن صبيح الثقفي، حدثنا يونس بن ميسرة بن [حَلْبَس]، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " في قول الله عز وجل: { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }: من شأنه [أن] يغفر ذنباً، ويكشف كرباً، ويجيب داعياً، ويرفع قوماً ويضع آخرين ".