الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } * { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } * { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } * { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } * { أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } * { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } * { فِيهَا فَاكِهَةٌ وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ } * { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قال الله عز وجل: { ٱلرَّحْمَـٰنُ * عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } قال مقاتل: لما نزل قوله:ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ } [الفرقان: 60] قال كفار مكة: وما الرحمن؟ فأنكروه. فقال الله: الرحمن الذي أنكروه هو الذي علم القرآن.

قال الكلبي: علَّم محمداً وعلَّم محمد أمته.

وقال الزجاج: يسّر القرآن لأن يذكر.

{ خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } قال ابن عباس وقتادة: آدم.

و { ٱلبَيَانَ }: اللغات، والأسماء كلها.

وقال ابن كيسان: المراد بالإنسان: محمد صلى الله عليه وسلم، علَّمَه بيان ما كان ويكون.

والصحيح: أن الإنسان: اسم جنس، وهو قول جمهور المفسرين.

قال الحسن: البيان: النطق والتمييز.

وقال يمان: البيان: الكتابة والخط.

قال بعض العلماء: لما أراد الله تعديد نعمه على خلقه في هذه السورة بدأ بنعمة الدِّين؛ لكونها أجلّ المنن وأعظمها، وتعليم القرآن أعلى مراتبها وأقصى مراقيها؛ لأنه الصراط المستقيم المُفْضي إلى الجنة والسعادة الأبدية، وثَنَّى بخلق الإنسان؛ تنبيهاً له أنه خُلق للدين والعلم بالقرآن، وثَلَّث بنعمة تعليم البيان، وهو النطق الذي تميّز به عن سائر الحيوان، والذي هو وسيلة إلى العلم بالقرآن [والتمييز] بين الخير والشر.

قال صاحب الكشاف: " الرحمن ": مبتدأ، وهذه الأفعال مع ضمائرها أخبار مترادفة، وإخلاؤها من العاطف لمجيئها على نمط التعديد، كما تقول: زيدٌ أغناك بعد فقر، أعزّك بعد ذل، كثّرك بعد قلّة، فَعَلَ بك ما لم يَفعل أحد بأحد.

قوله: { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } أي: يجريان بحساب معلوم، لمصالح العالم، على ما بيناه في مواضعه.

{ وَٱلنَّجْمُ } قال ابن عباس: هو كل نبت ليس له ساق.

قال اللغويون: هو النبات الذي ينجم، أي: يطلع ليس له ساق؛ كالبقول.

{ وَٱلشَّجَرُ } الذي له ساق.

وقال مجاهد: المراد بالنجم: نجوم السماء.

وجوّز الزجاج أن يراد: جميع ما نَبَتَ على وجه الأرض، وما طلع من نجوم السماء. وقال: يقال لكل ما يطلع: قد نَجَمَ.

والأول أصح.

وسجودهما: انقيادهما لما خُلقا له.

وقيل: سجودهما: ميلهما مع الشمس.

وقيل: [تفيّؤ] ظلالهما.

وقد أشرنا إلى ذلك وإلى ما هو المختار عندنا من القول في هذه الآية وأمثالها في سورة الحج.

قوله تعالى: { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا } أي: جعلها رفيعة عالية؛ ليتسع الفضاء بين الأرض والسماء، ولولا ذلك وجريان الريح؛ لمات الخلق كَرْباً. وقرأ أبو [السمّال]: " والسماءُ " بالرفع، جعلها جملة مركّبة من مبتدأ وخبر معطوفة على الجملة التي هي قوله: { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ }.

{ وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } لينتصف بعض الناس من بعض.

قال الضحاك: هو الميزان ذو اللسان والكِفَّتين.

وقال مجاهد وقتادة والسدي: المراد بالميزان: العدل.

وقيل: القرآن.

والعدل شامل لجميع الأقوال، وبه تقدير الأشياء ووزنُها، وتمييز باطلها من حقها.

فالمراد بالميزان على هذا: كل ما تُعرف به المقادير، من ميزان ومكيال ومقياس وغير ذلك.

السابقالتالي
2