الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ } * { كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ } * { أَكُفَّٰرُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي ٱلزُّبُرِ } * { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } * { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } * { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ } وهم موسى وهارون وغيرهما من الأنبياء، [لأنهما] عَرَضَا عليه ما جاءت به النُّذُر من قبلهما.

وقيل: النُّذُر: جمع نذير، إما بمعنى الإنذار، وإما لأن كل آية من الآيات التسع نذير.

{ كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا } يعني: الآيات التسع. وقد ذكرناها في بني إسرائيل.

{ فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ } لا يُغالَب مقتدر على ما يريد.

{ أَكُفَّٰرُكُمْ } يا أهل مكة { خَيْرٌ } أقوى وأشد، أو بمعنى: أقلّ كُفْراً { مِّنْ أُوْلَٰئِكُمْ } المذكورين المهلكين. وهذا الاستفهام بمعنى: الإنكار والتوبيخ.

{ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي ٱلزُّبُرِ } أي: براءة أنزلها الله تعالى في الكتب المتقدمة بأنكم آمنون من حلول مثل ذلك العذاب بكم.

{ أَمْ يَقُولُونَ } لاتفاق كلمتهم وشدة شكيمتهم: { نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ }.

قال الكلبي: نحن جميع ننتصر من أعدائنا.

قال الثعلبي: وكان حقُّه: مُنْتَصِرُون، فَتَبعَ رُؤوس الآي.

وقال الواحدي: وَحَّدَ " مُنْتَصِر " للفظ الجميع، وهو واحد في اللفظ، وإن كان اسماً للجماعة، كالرَّهْط والجَيْش.

{ سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ } وقرأ يعقوب في رواية أبي حاتم عنه: " سَنَهْزِمُ " بالنون وكسر الزاي، " الجَمْعَ " بالنصب، " وتُوَلُّونَ " بالتاء.

والمعنى: سيهزم جمع كفار قريش، { وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } يريد: الأدبار، فذهب به مذهب [الجنس]. وهذا مما وعد الله به رسوله والمؤمنين، فحققه لهم يوم بدر، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:
ولقدْ وليتُمُ الدُّبُرَ لنا حين     سالَ الموتُ من رأسِ الجبل
أخبرنا الشيخان أحمد بن عبدالله وعلي بن أبي بكر بن عبدالله البغداديان قالا: أخبرنا عبد الأول، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عبدالله بن أحمد، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا محمد بن حوشب، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا خالد الحذّاء.

قال البخاري: وحدثنا عفان بن مسلم، عن وهيب، حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في قُبَّةٍ يوم بدر: اللهم! إني أنشدك عهدك ووعدك، إن تشأ لا تُعبد بعد اليوم، فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبُك يا رسول الله، ألححتَ على ربك، وهو يَثِبُ في الدرع، فخرج وهو يقول: { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ * بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ } " هذا حديث صحيح انفرد بإخراجه البخاري.

قوله تعالى: { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } أي: موعد الجميع للعذاب، { وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ } قال الزجاج: الداهية: الأمر الشديد الذي لا يُهتدى لدوائه.

والمعنى: والساعة أفظع { وَأَمَرُّ } أشد مرارة مما نالهم من القتل والأسر والهزيمة يوم بدر.