الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } * { وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } * { وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } * { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } * { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ }

قال الله تعالى: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } أي: دَنَتِ القيامة، { وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } أي: وقد انشق، وكذلك هي في قراءة حذيفة بن اليمان، وكان يقول: ألا إن الساعة قد اقتربت، والقمر قد انشق.

وبالإسناد قال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن شعبة وسفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال: " انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا ".

وبه قال البخاري: حدثنا علي، حدثنا سفيان، حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله: " انشق القمر ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فصار فرقتين، فقال لنا: اشهدوا اشهدوا " هذا حديث متفق على صحته، أخرجاه من طرق.

وقد روى حديث انشقاق القمر جماعة، منهم: عبد الله بن العباس، وعبد الله بن عمر، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وأنس بن مالك.

قال ابن مسعود: رأيت فلقتيه.

وقال مجاهد: ثبتت فرقة [وذهبت] فرقة من وراء الجبل.

وقال ابن زيد: كان يُرى نصفه على قعيقعان، والنصف الآخر على أبي قبيس.

قال المفسرون: كان انشقاق القمر من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وآياته التي اقترحها قومه عليه.

قال ابن عباس: " اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن كنت صادقاً فشقّ لنا القمر فرقتين، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فعلتُ أتؤمنون؟ قالوا: نعم. فسأل ربه أن يعطيَه ما سألوا، فانشق القمر فرقتين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: يا فلان يا فلان اشهدوا، وذلك بمكة قبل الهجرة ".

وعلى هذا القول عامة المفسرين.

وشذَّ قوم فقالوا: المعنى: سينشق القمر. وليس هذا القول بشيء؛ لمصادمته الأحاديث، والآثار الصحيحة، وإجماع العلماء، والآية التي بعد هذه الآية، وما تشتمل عليه من نسبتهم السحر إليه. هذا مع ما فيه من مخالفة مدلول اللفظ، فإنه فعل ماض، فَصَرْفُهُ إلى المستقبل يفتقر إلى دليل صارف له عن موضوعه الأصلي.

ومعنى الآية: اقتربت الساعة وقد حصل من أمارات اقترابها انشقاق القمر، الدالّ على رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المبعوث في آخر الزمان.

قوله تعالى { سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } قال مجاهد وقتادة: ذاهبٌ، من قولهم: مَرَّ الشيء واستمرّ: إذا ذهب. أي: هذا سحر، والسحر يذهب ولا يثبت. وهذا اختيار الكسائي والفراء.

وقال أبو العالية والضحاك: " مستمر " أي: شديد قوي محكم.

قال ابن قتيبة: هو مأخوذ من المِرَّة، والمِرَّة: الفَتْل.

وقيل: سحر دائم مطّرد. قالوا ذلك حين رأوا تتابع معجزاته وتواصل آياته.

السابقالتالي
2