الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } * { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } * { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } * { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } * { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } * { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } * { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ }

{ هَـٰذَا } إشارة إلى سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم { نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } أي: من جماعة النذر الأولى.

وقال قتادة: الإشارة إلى القرآن.

{ أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } أي: قَرُبَت الساعة الموصوفة بالقرب في قوله:ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [القمر: 1]، وأمثالها من الآيات.

{ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } أي: نفسٌ كاشفة.

وقيل: الهاء للمبالغة؛ كعلاّمة ونسّابة.

والمعنى: لا يكشف أحد عن وقتها إلا الله، كما قال تعالى:لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } [الأعراف: 187].

وقال الضحاك وقتادة وعطاء: إذا غشيت [الخلق] شدائدها وأهوالها لا يكشفها عنهم أحد ولم يَرُدَّهَا.

وقيل: " الكاشفة " مصدر بمعنى: كشف، كالخائنة بمعنى: خيانة.

ثم أنكر عليهم ضحكهم واستهزاءهم وغفلتهم عن مواعظ القرآن وزواجره وحِكَمه فقال تعالى: { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } إنكاراً. { وَتَضْحَكُونَ } استهزاءً { وَلاَ تَبْكُونَ } خوفاً من وعيده وزواجره.

{ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } ساهون لاهون، يقال: دَعْ عنك سُمُودَك، قال الشاعر:
ألا أيها الإنسان إنك سامد     كأنك لا تفنى ولا أنت هالك
وهذا المعنى مروي عن ابن عباس.

وروي عنه: سَامِدون: شامخون مستكبرون.

وروي عنه: أن السُّمُود: الغناء.

وقال قتادة: غافلون.

وقال الضحاك: أشِرُون بَطِرُون.

وقال الحسن: واقفون عن الطاعة.

وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى.

وقال مجاهد: " سامدون ": غِضَابٌ مُبرطِمُون، فقيل له: ما [البرطمة]؟ قال: الإعراض.

أخرج الإمام أحمد بإسناده عن صالح بن الخليل قال: لما نزلت: { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } ما رؤي النبي صلى الله عليه وسلم ضاحكاً.

قوله تعالى: { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ } أي: خُصُّوه سبحانه بالسجود والعبادة، ولا تسجدوا لآلهتكم ولا تعبدوها.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم السلمي وأبو الحسن علي بن أبي بكر قالا: أخبرنا عبد الأول، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله بن أحمد، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني نصر بن علي، حدثني أبو أحمد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود قال: " أول سورةٍ أنزلت فيها سجدة: النجم، قال: فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه إلا رجل رأيته أخذ كفاً من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد قُتل كافراً، وهو أمية بن خلف " هذا حديث متفق على صحته. أخرجاه من طرق.

وبالإسناد قال محمد بن إسماعيل البخاري: حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: " سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون، والجن والإنس " هذا حديث صحيح. والله أعلم.