الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ }

قال الله تعالى: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } اختلف العلماء في تفسيره على خمسة أقوال:

أحدها: أنه الثريا، وهو اسم غالب لها.

قال ابن قتيبة: العرب تسمي الثريا -وهي ستة أنجمٍ-: نجماً.

وقال غيره: هي سبعة، فستة ظاهرة، وواحد خفي، يَمتحن به الناسُ أبصارهم.

والمعنى: والنجم إذا سقط وغاب.

الثاني: أنه النجم من نجوم القرآن، فإنه نزل نُجُوماً متفرقة، على ما ذكرناه في مقدمة الكتاب. والقولان عن مجاهد.

الثالث: أنه النجم الذي تُرمى به الشياطين إذا هوى وانقضّ للرجم. وهذه الأقوال الثلاثة مروية عن ابن عباس.

الرابع: أنه اسم جنس، يريد: النجوم إذا غربت أو تناثرت يوم القيامة. رُوي عن مجاهد.

الخامس: أنها الزهرة. قاله السدي.

وقد روى عروة بن الزبير عن رجال من أهل بيته قالوا: كانت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عتبة بن أبي لهب، فأراد الخروج إلى الشام، فقال: لآتين محمداً فلأوذينه، فأتاه فقال: يا محمد! هو يكفر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى، ثم تَفَلَ في وجهه، وردّ عليه ابنته فطلَّقها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم سلّط عليه كلباً من كلابك. قال: وأبو طالب حاضر، فَوَجَمَ لها، وقال: ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة، فرجع عتبة إلى أبيه فأخبره بذلك، ثم خرجوا إلى الشام ونزلوا منزلاً، فأشرف عليهم راهب من الدير فقال: هذه أرض مَسْبَعَة، فقال أبو لهب لأصحابه: أغيثونا يا معاشر قريش هذه الليلة، فإني أخاف على ابني دعوة محمد، فجمعوا [له] أحمالهم وفرشوا لعتبة في أعلاها، وناموا حوله، فجاء الأسد فجعل يتشمم وجوههم، ثم ثنى ذنبه فوثب وضرب عتبة بيده ضربة واحدة فخدشه، فقال: قتلني، ومات مكانه. ففي ذلك يقول حسان بن ثابت:
مَنْ يَرْجِعُ العامَ إلى أهلهِ     فما أكيلُ السَّبُعِ بالرَّاجِعِ
قوله تعالى: { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ } يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم. وهذا جواب القسم، والخطاب لقريش.

والمعنى: ما ضل عن طريق الهدى { وَمَا غَوَىٰ }.

{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } أي: ما يتكلم بالباطل. وهذا تكذيب لهم حيث زعموا أنه جاء بالقرآن من تلقاء نفسه، ثم أكد ذلك بقوله: { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } أي: ما القرآن إلا وحي من الله تعالى أوحاه إليه.

وربما احتج بهذه الآية من لم يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجتهد فيما لم ينزل عليه فيه وحي، ولا حجة فيها؛ لأنه إذا كان مأذوناً له في الاجتهاد فهو من الوحي.