الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } * { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } * { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } * { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ }

قوله تعالى: { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:

أحدها: أنه الوليد بن المغيرة، وكان قد ركن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعيّره بعض المشركين وقال له: تركتَ دين الأشياخ وضللتهم، وزعمت أنهم في النار، وكان ينبغي لك أن تَنْصُرَهُم، فقال: إني خشيت عذاب الله، فضمن له عاتِبه إن هو أعطاه شيئاً من ماله وعاد إلى شركه أن يتحمّل عنه عذاب الله، ففعل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه تمام ما ضمن له، فأنزل الله هذه الآية. قاله مجاهد وابن زيد.

الثاني: أنه النضر بن الحارث، أعطى بعض فقراء المسلمين خمس قلائص حين ارتدَّ عن الإسلام، وضمن له أن يتحمل عنه مأثم رجوعه عن الإسلام. قاله الضحاك.

الثالث: أنه العاص بن وائل السهمي، كان ربما وافق رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور. قاله السدي.

الرابع: أنه أبو جهل، فإنه قال يوماً: والله ما يأمرنا محمد إلا بمكارم الأخلاق. قاله محمد بن كعب القرظي.

ومعنى " تولى ": أعرض عن الإيمان.

{ وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } قَطَعَ ومَنَعَ، أصله من إكْدَاء الحافر، وهو أن تلقاه كُدْيَة صخرة أو نحوها، فيمسك عن الحفر، ثم قيل لكل من طلب شيئاً فلم يبلغ آخره، أو أعطى ولم يتمم: أكْدَى.

قال الحطيئة:
فأعْطَى قليلاً ثمَّ أكْدَى بماله    ومنْ يبذُلِ المعروفَ في الناس يُحمد
قال ابن عباس: أطاع قليلاً ثم عصى. وهو معنى قول مجاهد: أعطى قليلاً من نفسه بالاستماع ثم أكدى بالانقطاع، ومعنى قول مقاتل: أعطى قليلاً من الخير بلسانه ثم قطع.

وقال الضحاك: أعطى قليلاً من ماله ثم منع.

{ أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ } وهو ما غاب عنه من أمر الآخرة { فَهُوَ يَرَىٰ } حاله فيها، وأن ما صنعه نافع له إذا وافاها.

{ أَمْ } معادلة [لهمزة] الاستفهام، أو منقطعة بمعنى: بل والهمزة { لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } يعني: التوراة.

{ وَإِبْرَاهِيمَ } أي: وصحف إبراهيم.

وفي حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى أنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف ".

{ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } وقرأ سعيد بن جبير وأبو عمران وابن السميفع: " وَفَى " بالتخفيف. وقراءة الأكثرين أبلغ في المدح بالوفاء.

أخرج الإمام أحمد من حديث سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى؛ لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ... } [الروم:17] حتى يختم الآية ".

وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3