الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ } * { وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } * { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } * { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } * { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } * { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ }

قال الزجاج: لما قصّ الله تعالى هذه القصص قال: { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } كأن المعنى - والله أعلم -: أخبرونا عن هذه الآلهة التي تعبدونها، هل لها من هذه القدرة والعظمة التي وُصف بها ربُّ العزة شيء.

قرأ رويس عن يعقوب، وروى هبة الله عن اللهبي: " اللاَّتَّ " بتشديد التاء، وهي قراءة ابن عباس، وأبي رزين، وأبي عبدالرحمن السلمي، ومجاهد، وأبي صالح، والضحاك، وابن السميفع، والأعمش في آخرين، واتفقوا على الوقف بالتاء اتباعاً للمصحف، وكذلك " مناة " إلا الكسائي، فإنه وقف على الهاء في الموضعين.

وقرأ الأكثرون والباقون من العشرة بتخفيف التاء.

فمن شدّد التاء قال: هو رجل كان يَلُتُّ السَّويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه.

قال أبو صالح: كان بالطائف وكان يقوم على آلهتهم، ويَلُتُّ لهم السويق، فلما مات عبدوه.

وقال الزجاج: زعموا أن رجلاً كان يَلُتُّ السويق ويبيعه عند ذلك الصنم، فسمّي الصنم: اللاتّ - بالتشديد -.

وجمهور القراء على تخفيف التاء، وهو اسم صنم لثقيف، وكانوا يشتقون لآلهتهم أسماء من أسماء الله تعالى، فقالوا من الله: اللاّت، وكذلك اختار الكسائي الوقف على الهاء.

قال الخطابي: صَرَفَهُ الله إلى اللاَّتِ صيانةً لهذا الاسم، وذَبّاً عنه.

وقالوا من العزيز: العُزّى، وهي تأنيث الأعز.

قال مجاهد: وهي سَمُرة بنخلة لغطفان يعبدونها.

وهي التي بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها، فجعل خالد يضربها بالفأس ويقول:
يا عزُّ كفرانكِ لا سُبحانكِ     إني رأيتُ الله قد أهانَكِ
فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها، واضعة يدها على رأسها، تدعو بالويل، فقتلها خالد، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: تلك العُزّى، ولن تُعبد أبداً.

قرأ ابن كثير والشموني: [ " ومناءة " ] بالمد والهمز. وقرأ الباقون من العشرة بغير مد ولا همز، وهما لغتان، والتي هي قراءة الأكثرين هي أعلى اللغتين.

قال أبو عبيدة: لم أسمع فيه المد.

وقال أبو علي: لعل " مناءة " - بالمد - لغة، ولم أسمع بها عن أحد من رواة اللغة.

وقال بعض العلماء: أصلها: الهمز، من النَّوْء، كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركاً بها، وأنشدوا:
ألا هلْ أتى زيدُ بن عبدِ مناءةٍ    على الشيء فيما بيننا ابنُ تميم
وقال جرير في اللغة العالية:
أزَيْدَ مناةَ تُوعِدُ يا ابنَ تَيْمٍ     تَبَيَّنَ أيْنَ تَاهَ بكَ الوعيدُ
قال الضحاك: مناة صنم لهذيل وخزاعة.

وقال قتادة: بل كانت للأنصار.

قال صاحب الكشاف: سميت بذلك؛ لأن دماء المناسك [كانت] تمنى عندها، أي: تُراق.

قال الثعلبي: العرب لا تقول للثالثة الأخرى، وإنما الأخرى نعتٌ للثانية.

واختلفوا في وجهها؛ فقال الخليل: إنما قال ذلك لوفاق رؤوس الآي، كقوله تعالى:

السابقالتالي
2