ثم ذكر عنادهم وقسوة قلوبهم فقال: { وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً } أي: وإن يروه ساقطاً عليهم { يَقُولُواْ } لفرط عنادهم { سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } بعضه فوق بعض ممطرنا، ولم يصدقوا أنه كسف ساقط لعذابهم. ثم هددهم فقال: { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ } وقرأ أبو جعفر وعبدالوارث: " يَلْقُوا " ، { يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يَصْعَقُون }. وقرأ ابن عامر وعاصم: " يُصْعَقُون " بضم الياء. والمراد: يوم هلاكهم وموتهم. وقيل: يوم القيامة، فيكون المراد بصعقهم: غشيتهم، كقوله:{ وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً } [الأعراف: 143]. قوله: { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } وهو عذاب القبر. وقيل: ما أصابهم يوم بدر. رويا عن ابن عباس. وقال الحسن: مصائبهم في الدنيا. قوله تعالى: { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } أي: اصبر لحكم ربك بإمهالهم وتمكنهم من أذاك { فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } قال الزجاج: بحيث نراك ونحفظك ونرعاك، فلا يصلون إلى مكروهك. وهذا من المواضع التي يقول أكثر المفسرين: أنها منسوخة. ولا يصح؛ لما ذكرنا في نظائره. { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } قال ابن عباس: صلّ لله حين تقوم من منامك. وقال عطاء ومجاهد: قل: سبحانك اللهم وبحمدك حين تقوم من مجلسك. وقال الضحاك: قل سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك، حين تقوم في الصلاة. وهذا أحد الترجيحات لمذهب إمامنا أحمد وأبي حنيفة، فإنهما يستحبان الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام [بهذا. قال زيد بن أسلم]: صَلِّ صلاة الظهر حين تقوم من نوم القائلة. { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } قال مقاتل: صلاة المغرب [والعشاء. { وَإِدْبَارَ] ٱلنُّجُومِ } يعني: الركعتين قبل صلاة الفجر، في قول علي عليه السلام وجمهور المفسرين. وقال الضحاك وابن زيد: هي صلاة الغداة. وقرأ يعقوب في رواية زيد عنه: " وأدبار " بفتح الهمزة. وقد أشرنا إلى ذلك في آخر قاف. والله تعالى أعلم.